11 سبتمبر 2025

تسجيل

أضاحي غزة تكفي

10 يونيو 2024

رأيتها نائمة مثل الملاك وكأنها تغفو على سحب بيضاء وظننت أنها سوف تستيقظ بعد قليل تبحث عن أمها أو أبيها وتنادي أحدهما بعذوبة الأطفال التي نعرفها لكن ما انكشف عنه كفنها كان مروعا بجسد رضيعة شهيدة قتلها الاحتلال الإسرائيلي النازي في مخيم النصيرات مخلفا العديد من الشهداء الذين كان جُلّهم من الأطفال في سبيل إنقاذ بعض أسراه الذين قتلت القوات الإسرائيلية بعضا منهم، كما كشف ذلك المتحدث العسكري لحركة حماس أبو عبيدة، وشكّل ما قاله صدمة لعائلات الأسرى الإسرائيليين الذين باتوا يقيمون جنازات رمزية لقتلاهم من الأسرى التي كانت إسرائيل ولا تزال تعد وعودا ركيكة في إنقاذهم فإذا من يقتلهم هي وليس غيرها. أنا في وضع حالي أسأل فيه نفسي وأسأل هذه الأمة العربية والأمة الإسلامية إن كنا بحاجة لنقدم أضاحي لعيد الأضحى ونحن قد ساهمنا ونسهم في تقديم أضحيتنا من هؤلاء الشهداء الذين يذهبون بلا ذنب سوى أنهم فلسطينيون من غزة وكانوا مرمى للاستهداف الإسرائيلي الغادر من حيث ندري ولا ندري فهل نحن بحاجة فعلا لأن تكون لنا أضحيتنا وشهداء غزة يُقتلون بهذه الصورة الشنيعة والفظيعة دون أي حراك يذكر منا؟ ما ذنب كل أطفال ورُضّع غزة لأن يُقتلوا بهذه الصورة التي ما عادت تحرك فينا شيئا وتجعلنا نؤمن بأننا أمة عاجزة وقد كانت قادرة أن تفعل الكثير والكثير؟ ما ذنبنا كشعوب عربية تشعر بالوهن من أن تفعل شيئا أو أن تحرك الجيوش العربية التي علاها الغبار والكسل وهي التي تحترق كل لحظة من المجازر والمذابح التي ترتكبها إسرائيل في حق أهلنا في غزة؟ لم كل هذه الاجتماعات وتلك المداولات والمباحثات والاجتماعات والتصريحات وكل ما يقال لا يؤدي ما يجب أن يؤدي له فعلا؟ أما آن لهذا العدوان أن يتوقف يا عرب ولهذه الأمة الإسلامية أن تستنفر بمليار ونصف مليار مسلم كغثاء السيل؟ إنني أتحدث والأخبار تأتيني من كل صوب لعلني أقف عند خبر يقول إن هذا العدوان الوحشي قد توقف وإن مبادرة الرئيس الأمريكي قد تلقت ترحيبا من الجانب الإسرائيلي بعد أن أبدت حماس مرونة تجاهها بل ورحبت بها ما دامت تؤدي إلى وقف كامل للحرب على غزة والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأماكن المأهولة بالسكان ولكن - وما أسخف حرف الاستدراك هذا - متى يمكن لعنجهية إسرائيل أن تُكسر حتى من باب القبول بمبادرة من الحليفة الولايات المتحدة الأمريكية؟ وكلها أسئلة أعلم بأنني لن يمكنني أن ألقى إجابات شافية ووافية لها لكني أسال خشية أن أصاب بذاك الكمد الموجوع والمحشور في داخلي منذ أن تسابقت صور مجازر أطفال غزة لواجهات الإعلام العربي والغربي والعالم وحركت شعوبا ما كان لها أن تتحرك سابقا لولا فظاعة المشاهد التي للأسف لم تحرك كرسيا عربيا حتى ليندد بصورة قوية تزلزل كراسي المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم كبيرهم الذي علمهم الإجرام وهو بنيامين نتنياهو. فحتى صور الاستنكار باتت هامشية وباهتة لا روح للتنديد فيها وكأن تل أبيب سوف تتأثر من هذه الصور الشفافة في الاستنكار والشجب. إنني أواظب منذ فترة طويلة على الحديث عن غزة خشية يوم السؤال أُسأل ماذا فعلت يوم كان أهلنا في القطاع يُذبحون ذبح الخراف ولم أملك أن أستهل سهم قلمي وأكتب فأُبرئ نفسي من مسؤولية سوف يتحمله كل شخص يتجاهل كل هذه المذابح والمجازر ولا يملك حتى أن يضحي بدمعته من أن تفر من مدمعه المتحجر لتعبر عن ألم بات كثيرون منا يداويه بالبنادول الذي يُعطى في مستشفياتنا العربية لأي ألم يلم بنا وإن كن خنجر غزة المغروس في خاصرتنا العربية للأسف!.