20 سبتمبر 2025

تسجيل

تسليع الديمقراطية

10 يونيو 2021

يعتريني بعض التشاؤم فيما يتعلق بالتحول الديمقراطي في منطقتنا بشكل عام، ليس بسبب عدم وجود نوايا حقيقية إذا افترضنا ذلك، ولكن بسبب آخر يتعلق بجينولوجيا التاريخ، وهو أن الديمقراطية بشكلها الذي نسعى إليه اليوم نتاج عصر الإنسان الذي مرت به تلك المجتمعات المتقدمة، وهو في طريقه إلى الأفول. وهي تتجه اليوم أو تعيش اليوم عصر التقنية وتقدمها بشكل جعل من التقنية النطاق المركزي الذي يحتل ثقافتها، وبالتالي تعبر ديمقراطيتها مرحلة الإنسان نحو مرحلة السوق، وتتحول معها الأحزاب السياسية إلى أدوات أكثر منها غايات وماديات أكثر منها معنى الإنسان حتى أحزاب اليسار بدأت في التحول. ‏تأخرت مرحلة الإنسان التي أفرزت النظام الديمقراطي هناك عن الظهور هنا، ويبدو أنها لن تظهر؛ لذلك تفاؤلنا ليس في محله، حيث العالم في المراكز تخطى -كما قلت- مرحلة الإنسان إلى مرحلة التقنية وسوقها، فبالتالي سيُصبِح صعباً على الأطراف أن تدخلها أو يستحيل ذلك بشروطها السابقة. ‏لذلك أعتقد كل ما يمكن الحصول عليه هو تعبئة الإنسان داخل مكونات المجتمع المادية الأساسية من قبيلة وطائفة، بمعنى الإنسان في الأطراف بوصفه سلعة داخل نظام الوكالة الذي يمثله النظام الحاكم في بلده لا بوصفه ذاتاً حرة ضمن السوق الكوني الذي تتحكم فيه المراكز؛ لذلك كنت متفائلاً أكثر من اللازم فيما اعتقدت. ‏الإشكالية أنه حتى لو تحقق النظام الديمقراطي المنشود في منطقتنا ستظل تحت الارتهان؛ نظراً لهشاشتها الوجودية المادية، وستظل تابعة ورهينة لخدمة ديمقراطية المراكز التي أصبحت لا تعنى بالإنسان بقدر ما تهتم بالربح المادي وتسليع الإنسان، ننسى أن الديمقراطية وليدة الرأسمالية الحقيقية والطبقة الوسطى والبرجوازية الوطنية، أين نحن من كل هذا. ‏لن تخرج ديمقراطيتنا عن نطاق سلعة السوق بل، حتى الديمقراطية الكويتية أينعت في عصر الإنسان رغم أنه لم يكتمل معها إلا أنها تعود اليوم عودة مشهودة لعصر السوق بإدارته المحلية في ثقافتنا من قبيلة وطائفية دينية. [email protected]