27 أكتوبر 2025

تسجيل

"بقع سوداء" ماذا يحدث في مؤسسات المجتمع المدني

10 يونيو 2013

• منذ سنوات انطلقت ثماني من مؤسسات المجتمع المدني بخريطة اهداف وطموحات عريضة لتغوص في خلايا المجتمع وترفع من قدراته الثقافية والاجتماعية وتقوده لتطورات تحميه من الانزلاقات ولتكون احدى الايادي القوية المساندة لحراك ارتكزت عليه قطر وهي تشرئب للمستقبل بقناعة ان ثرواتها من القوة البشرية هو رهانها الاساسي. • " مجموعة الثمانية " قامت برؤية لمستقبل بعيد منظور، فعلى سبيل المثال حينما قفز لفظ " الشفلح " لقاموس المفردات سألت صديقتي الباحثة ظبية السليطي عن معنى هذه المفردة قالت "الشفلح" شجيرة معمرة دائمة الخضرة وذات لون اخضر مزرق. اوراقها سميكة وبازهار كبيرة تتفتح في الصباح بلون ابيض مائل للوردي وتذبل قبل الظهر معطية لوناً احمر جميلاً. وثمرتها تشبه الكمثرى محمولة على عنق طويل. وعندما تنضج يتحول لونها من الاخضر المصفر إلى قرمزي زاهٍ وطعمها حلو من الداخل ومر من الخارج. وورد بمخطوطة لأبي جعفر ابن أبي خالد المتطبب "الاعتماد في الأدوية المفردة وقواها ومنافعها" ان المستعمل منها عرقها وورقها ونوارها وحبها. وهي قاطعة ومنقية للرطوبات الزائدة في المعدة ومفتحة لسدد الكبد ومحللة لماء الطحال ومدرة للبول والطمث واذا شربت بعسل وماء حار نفع من أوجاع النقرس والوهن العارض للادراك. • وهكذا كان لمؤسسة "دريمة" للايتام من نفحات الاسم ورونق ازهار جاءت من قلب البيئة القطرية لتترسخ في الوجدان وتطوف باسم قطر في محيطها الاقليمي والعالمي بكيف يكون الاهتمام بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة وفاقدي الابوين. وقد شهدت بدايات انطلاق مركز الاستشارات العائلية من خط هاتفي ساخن من كبائن خشبية بدار تنمية الاسرة آنذاك ليصل لبرامج وورش عمل ترتق نسيج العلائق الاسرية وتسد اي فجوات قد تفسد للود قضية، والحال كذلك بمركز ثقافي الطفولة والاتجار بالبشر وحماية المرأة والطفل تستهدف كل منها شريحة تعتني بها وتفسح لها المجالات واسعة للاندماج السلس في حركة الحياة.. ولكن.. • بقع سوداء بدأت تعلق ببعض هذه المؤسسات " تابعنا بعضه في الصحف اليومية " وكأن سوسا ينخر في عظامها إما بسبب ادارات تنفيذية صرفتها همومها الذاتية عن الهموم العامة التي قامت اصلا من اجلها او بسبب حزمة من اللوائح والانظمة لم تكتمل دورتها لتتطابق والاهداف النبيلة..او بسبب الانغلاق على الذات والشللية البغيضة.. ان القوانين واللوائح لوحدها غير كافية فالعمل العام منظومة متكاملة عصب الاساس فيها هو القوة البشرية والكوادر الكفء التي تتجرد وتعصف ذهنها للاتيان بكل ما يضيف مبتكرا لمسارات العمل الذي يجب ان يتجدد وفق الازمنة ومتطلباتها. • ان الشللية " وشيلني واشيلك " من ابغض المساوئ، كما ان رمي الحبل على الغارب لمن اكتسبوا الثقة المطلقة مدعاة للانزلاق عن المسارات فيظهر ما لا يحمد عقباه.. كما ان عدم وجود مجالس استشارية محايدة تمتلك الحس الوطني لتقييم الانجازات وتنقيح البرامج وتجيزها امرا هاما.. كما ان الاتكاء على النجاحات في مرحلة من المراحل قد يصيب البعض بالتخمة والشعور المفرط بالأنا في ظل تغييب اصحاب القدرات من كيانات المجتمع وعزوفها عن العمل العام وهكذا.. • وبرغم هذا وذاك فلا يمكن نكران ان هذه المؤسسات اوجدت فرقا واضحا، فمركز الشفلح على سبيل المثال تطابق فعله واسمه واستطاع ان يخرج فئة كانت حقوقها مغمورة، بل كانت خارج خريطة الاهتمام تماما، واليوم نجد ذوي الاحتياجات الخاصة وقد ازيحت عنهم ستارة سميكة عزلتهم طويلا عن مسرح الحياة وتفاعلاتها، كما ان كثيرا من الاسر رفعت عن نفسها الرهق وازاحت الخجل بتبنيها لاطفال فاقدي النسب وقدمتهم ليمارسوا ادوارهم الطبيعية ضمن مصفوفة المجتمع. • اذن هذه المؤسسات باتت ضرورة وقامت باهداف نبيلة استشرفت رفاهية المجتمع، لذلك لابد من وقفة لتجلية مساراتها وتنقيح انظمتها وغسل البقاع السوداء التي علقت باطرافها قبل ان تقضي على ما حققته من نجاحات.. والله المستعان. همسة: قال الحكماء " عظ الناس بفعلك ولا تعظهم بقولك "