17 سبتمبر 2025
تسجيلمما لا شك فيه أن الإعلان أصبح علما يدرس في الجامعات كجزء من علوم الإعلام كما أنه يدرس أيضا ضمن العلوم وثيقة الصلة بعلم النفس فضلا عن كليات التجارة وما يحتله علم الإعلان من مكانة كبيرة ضمن علومها.. وأصبحت الإعلانات تحتل مساحة كبيرة من حياة الإنسان في العصر الحديث حيث تعتبر الجسر الموصل بين المنتج والمستهلك حتى أصبح لا غنى عنها للطرفين.. فهي تقوم بتعريف الجمهور بالمستجدات في كافة السلع ابتداء من رقائق الشيبسى وحتى العقارات والسيارات مرورا بالهواتف النقالة وأجهزة الكومبيوتر وكل ما يخطر ومالا يخطر على بالك.. وفى نفس الوقت لا غنى عنها للمنتج أو البائع فى تسويق السلع بالحق أحيانا وبالباطل أحيانا أخرى وما بينهما من مبالغة وخداع بصري ولفظي في معظم الأوقات. وبين هذا وذاك هناك فئة كبيرة مستفيدة من الإعلانات وهم الذين يقومون بنشر هذه الإعلانات مثل الصحف والمجلات أو الوكالات الإعلانية التي تحتكر حق استغلال اللوحات والمساحات الإعلانية في الشوارع والميادين وكافة الأماكن الظاهرة للعيان فضلا عن البث على شاشات التليفزيون والفضائيات وتلك التي سنتحدث عنها في هذا المقال .. وقد أصبحت الإعلانات هي المورد المالي الرئيسي لكل الصحف تقريبا لدرجة أن معظمها – إن لم يكن كلها – لا يمكنها الصدور بدون تغطية مالية من الإعلانات تكفى النفقات.. ولا يختلف الحال كثيرا في التليفزيون.. ولانجد بأساً في أن يلجأ العاملون في مجال الإعلانات من مصممين ومخرجين إلى الاستعانة ببعض وسائل الجذب مثل الألوان الجذابة والملابس الجميلة والمناظر الخلابة فضلا عن وجه طفل جميل أو فتاة حسناء.. أما أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه مؤخرا من رقص وتمايل وإشارات باليد وإيحاءات بالصوت أو الحركة والغمز واللمز فإن هذا يخالف ميثاق الشرف الإعلاني.. نعم عزيزي القارئ فإنك لم تخطئ القراءة لأن للإعلان ميثاق شرف يمنع الدعاية للمنتجات بأي وسيلة تخدش حياء الأسرة ويحدد الضوابط التي تحفظ الآداب العامة. ولعلنا نتفق على أن الكثير مما يعرض الآن على شاشات الفضائيات غير لائق أدبيا مثل الإعلان عن الملابس الداخلية بشكل فج ناهيك عن المستحضرات الطبية للمقويات الجنسية للرجال والفوط الصحية للسيدات.. بل وفتيات المدارس.. هذا فضلا عن الأدوية التي تعالج العديد من الأمراض بدون تراخيص من الجهات الصحية مما جعل بعض الظرفاء ينادون بإلغاء كليات الطب والاكتفاء بهذه الأدوية التي ترجع بنا إلى عصر شربة الحاج محمود التي كانت سائدة في خمسينيات القرن الماضي.. وهكذا أصبحت الإعلانات في معظمها تدعو إلى نشر ما يخدش الحياء جريا وراء إنعاش السلوك الشرائي دون ما اعتبار للجانب الأخلاقي مما يوقع مالكى هذه القنوات والقائمين عليها والمعلنين ذاتهم تحت طائلة القانون ويعرضهم لتهمة جنحة الفعل الفاضح في مواد قانون العقوبات والتي تقضى في بعض موادها بالحبس ووقف بث هذه القنوات وقد يصل الأمر إلى إغلاقها بشكل مؤقت أو دائم. والحل هو تفعيل ميثاق الشرف الإعلاني والوقف الفوري لكل الإعلانات التي تخدش الحياء وكذلك تطبيق مواد القانون بكل حزم قبل أن نتحول إلى مجتمع يغلب عليه الخروج على الآداب العامة بالصوت والصورة ويصبح التمسك بالأخلاق – لا قدر الله - هو الاستثناء تحت سمع وبصر القانون. وإلى لقاء جديد في مقال قادم بحول الله.