13 سبتمبر 2025

تسجيل

إلى أين تتجه السعودية?

10 مايو 2016

طيلة عام مضى كانت أنظار العالم السياسي تتجه إلى المملكة العربية السعودية، فأصوات الطبول التي تقرع أمام المتغيرات السياسية والاقتصادية في المملكة الكبرى جعلت الانتباه عالي المستوى، وجميع دول العالم تراقب حسب مصالحها الخاصة وحسابات التغير الاقتصادي عقب انخفاض أسعار النفط والغاز والانكماش الاقتصادي، وقبل كل ذلك يترقب العالم العربي ما الذي سيحمله اليوم القادم من أخبار الرياض، ليس على الصعيد المحلي فحسب بل على مستويات العلاقات السياسية مع الدول العربية والدول التي يتأجج الصراع الدموي وإيران بالطبع، ولعل آخر أخبار السعودية ما حدث من حركة تصحيحية للمسار الاقتصادي المعنون بخطة 2030 وما تلاها من إجراءات كان آخرها ما يشبه إعادة هيكلة المنظومة الحكومية. السعودية تغيرت، هذا ما يحلو لكثير من المعلقين والكتاب والسياسيين والمراقبين أن يقولوه، ولكن تغيرت إلى ماذا، وما هي كيفية التغيير، إذ لا يبدو أن التغيير المقصود هو سلخ جلد الدولة عن تاريخها، فتاريخها العريق والمبني على منهاج عقيدة واضح ما بين الأسرة الحاكمة والشعب وما بينهما من فيصل التشريع الإسلامي، والكرم الخيالي في ميزان الإنفاق الداخلي والذي أوصل الأمور الريعية إلى حد التضخم الهائل في الشهوات الفردية للإثراء عن طريق الاتكاء على ما تقدمه الحكومة، دون أن تتسع الخارطة التنموية بواسطة القطاع الخاص، وهذا ما حدا بالقيادة إلى التوقف فجأة والنظر إلى الخلف، قبل النظر إلى الأمام.الملك سلمان بن عبد العزيز، وبعيدا عن بروتوكولات الحديث عن الشخصيات الكبرى والملوك والرؤساء، له تاريخ قيادي متطور اكتسبه من خلال تاريخه في الحاكمية لإمارة العاصمة السعودية، واختصاصه في الشؤون العامة لمواطني الدولة والشؤون الخاصة للأسرة الحاكمة، وحسب المعلومات البحثية طبعا، فإنه كان حازما في القضايا المفصلية، وهذا ما ساعد في دعم ما يمكن تسميته بـ"ثورة التطور" التي اعتمدها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، والتي من المؤكد أنها وصفة العلاج للخروج من مآزق الأزمات المتوقعة مستقبليا، ولهذا فإن انتهاج الحكومة السعودية للتغيير والتطوير كان حتميا.عندما نتحدث عن السعودية، لا نحاكي قراءات متخصصين هم أدرى وأعلم منا بكثير من المعطيات والتفاصيل والتحليلات، ولكن ننطلق من الحرص على أن تستمر المملكة في دورها الريادي الذي كان طيلة العقود الماضية دافعا للعمل العربي المشترك، ورافعا رئيسيا من روافع التنمية ودعم اقتصادات الدول العربية والاقتصاد العالمي، ولهذا فإن ما يجري في المملكة هو يلامس الوجود الإنساني والتنموي سياسيا واقتصاديا في العالم العربي، وبالخصوص في الشرق العربي الذي يعيش إرهاصات الواقع المخيف في ظل الحروب والصراعات في سوريا واليمن والعراق وليبيا أيضا، ويهمنا جميعا أن تستمر السعودية في دورها الطليعي، وتمتين اقتصادها لتبقى ركنا آمنا أمام تحديات الزمن القادم.إن المنطلقات التي اعتمدها الأمير محمد بن سلمان باعتباره حامل لواء التغيير قد تجاوزت حدود الجرأة في الطرح، فالوقائع على الأرض تترجم العزيمة القوية للفوز بالسباق ضد الزمن وضد تقلبات المستقبل المجهول، فالولايات المتحدة التي من السهل علينا وصف قيادتها المتمثلة بالرئيس باراك أوباما وطاقمه الديمقراطي بأنها خانت عهد التاريخ مع المنطقة العربية لحساب الخصم التاريخي للطرفين وهو إيران التي انتقلت من خانة تحت الصفر إلى الصفر، لتبدأ بإضافة الكسور العشرية إلى رصيدها السياسي والاقتصادي، والقرار السعودي الجريء بعدم انتظار رسائل الدعم الأمريكي، جعل منها خلال عام مضى قوة دفع تدعم التغيير وتعيد الثقة بالنفس، من خلال البدء بعملية الإصلاح الاقتصادي، والتخلص من الإرث البيروقراطي وتشجيع المجتمع لتغيير أنماط السلوك التفكيري والاجتماعي المبني على الاستهلاك الفوضوي.من هنا نرى أن المملكة العربية السعودية في ظل القيادة الاستثنائية للملك سلمان، وبقيادة التطوير والتغيير الذي يقوم عليها الأمير محمد بن سلمان، يمكنها إعادة إنتاج نفسها بصورة أكثر شمولية وأكثر عصرنة وأكثر تطورا، من خلال التعاون الداخلي مابين مؤسسات القطاع الخاص وأفراد الشعب خصوصا فئة الشباب مع النهج الجديد الذي وبلا شك سيخرج البلاد من شبح الركود، وتأثيرات الصراع السياسي على حدود المملكة شمالا وجنوبا، ويدعم استقرار المملكة للبقاء قوية أمام العالم. إن الاتجاه الذي تبنته السعودية، هو في الحقيقة أحد أهم الطرق نحو المستقبل الأكثر إشراقا، من خلال التخلص من حواجز الماضي الشائكة، فالمملكة اكتشفت حقيقة أنها تستطيع الاعتماد على نفسها لمواجهة تحدياتها العسكرية والاقتصادية والسياسية دون الحاجة لدعم الغرب، وهذا ما يتطلب دعم بناء مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي والاستفادة من التجربة القطرية والتركية سياسيا واقتصاديا التي انتهجتاها خلال العقدين الماضيين، ما جعلتهما في مقدمة المؤثرين على القرار العالمي