13 سبتمبر 2025
تسجيلخرج من كهفه ذات ليلة فقال لي: "الباب اللي يجيك منه ريح سدّه واستريح" …ها أنا ذا أقفلت بابي بإحكام … وسددت أذني عن كل كدر وهم مسموم … لم هم لا يستطيعون إخفاء قشرة قلوبهم؟؟… ها هي أخيراً انعكست على وجوههم …فسقطت الأقنعة … وثُبّت الحبل ليشنق الأعداء …قالت لي أمي ذات يوم: "لن يقهركِ ظالم … ولن يضركِ مجحف ولا حاقد فقد استودعتكِ بودائع الله الواحد القهار" …قلت لها: "ومن ذا الذي يقهر وفوقه القهّار … ومن ذا الذي يجحف ويحقد وفوقه الحكم العدل؟ … فكل شيء خُلق بمقدار …"..قال لي أبي ذات يوم: "ميزان العدالة لا بد يوماً أن يستقيم" … فقلت له: "حتماً سيستقيم طالما أن لنا ضميراً لا يموت … "..حينها نقشت عبارة على صفحة مجهولة من كتابي مضمونها أن "الضمير هو المحكمة الوحيدة التي لا تحتاج إلى قاضٍ" … كنت قد وثقت في أناس لهم أذيال … إلى أن استيقظت من ذلك السُبات …سرقوا معطفي علّهم يجدوا اسمه …بحثوا في رسائلي …فتحوا أدراجي …حطموا زجاجات عطوراتي …تصفحوا كتبي …ربما يجدوه …هم يبحثون عنه … لا عني!لقد وضعوا سلماً ليصلوا إلى ثوبه …ولكن سقفاً ما يحولهم دون الوصول إليه …فلينعموا به إن استطاعوا …ها هو قد أقفل على نفسه الباب … وهذه المرة بإحكام!ماذا يريدون؟ جاه يُطفئ غريزتهم؟ أم مال يغدق بالنعيم على نزوتهم؟ قل لي ماذا يريدون؟منزل فخم؟ سيارة ثمينة؟ عشاء فاخر في مطعم يشرف على برج إيفل؟أم التنزه بجانب نهر الدانوب؟فليخرج ذلك الرجل بطاقته البنكية … وليرافقهم بنقوده حتى يكسبوا الرهان …هم يرغبون بذلك … فأقفلوا على أدمغتهم بإحكام!إلا أنا …لم أرغب يوماً إلا في الحديث مع الورق … ومشاهدة فيلم وثائقي يحكي عن وفاء الكلاب..يوم أن فقده البشر …لم أبتغي يوماً سوى التنعم بقيلولة في ظهيرة لا مشاة لها …وتصفح الجرائد اليومية بصفحاتها المحلية فقط… حتى لا أُصاب بداء السياسة …والنوم ليلاً بضمير هادئ … يغرق في نوم عميق …لم يدمي جرحاً … ولم يسرق مالاً … ولم يظلم فقيراً!هذا أنا …وأما هم فقد تركتهم على جهلهم يتناوبون …غيوم ملبدة:سيهطل المطر يوماً ليغسل شوائب الماضي … قريباً … قريباً!