30 أكتوبر 2025
تسجيلقرين أي حرب من الحروب أو نزاع من النزاعات ثمة خسائر بشرية وأخرى في البنية التحتية وتدهور لابدّ منه في الأوضاع الإنسانية والأمنية. تابعتُ خلال الأيام القليلة الماضية عددا من التقارير المُفزِعة عن حالة بلدين يشهدان مثل هذه الأوضاع وهما سوريا واليمن.في سوريا مزيد من القتلى في صفوف المدنيين خصوصا النساء والأطفال بسبب المجازر التي يرتكبها النظام السوري، ومنها تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان وثّقت فيه حدوث خمسين مجزرة على يد القوات الحكومية، وذلك اعتمادا على تعريفه للمجزرة بأنها “الحدث الذي يُقتل فيه خمسة أشخاص مسالمين دفعة واحدة”، وأدت تلك المجازر إلى مقتل ما لا يقل عن 499 شخصا، بينهم 110 أطفال و79 سيدة، أي أنّ 38% من الضحايا كانوا نساء وأطفالا. ـ أن ثمن الحرية غال سواء من أجل الانعتاق من المحتلين أو الظلمة والفاسدين ومصاصي دماء الشعوب، والقاعدة تقول إنه كلما طال أمد السكوت على الظلم كان ثمن الحرية أكبر، وبالتالي فإن الثمن الباهظ الذي نراه في سوريا وغيرها من مردّه إلى السكوت عن الديكتاتورية والفساد اللذين امتدا لحوالي نصف قرن.ـ إن مواصلة القبول بالخنوع أكثر تكلفة من كلفة الثورات بالنظر إلى مستقبل الأمة وأجيالها على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وبحسبة بسيطة على المستوى الاقتصادي على سبيل المثال لا الحصر فإنه يكفي أن نطلع على حجم المنهوب من ثروات الأمة ومن خزائن دولها لحسابات جيوب الفاسدين الخاصة، والخسائر المترتبة على عدم تنمية اقتصاداتها على مدار عقود مضت من دون أمل منظور للتغيير.. يكفي ذلك لنعرف حجم تكلفة الخنوع وقبول البعض باستمراره مقارنة بالأمل المعقود على النهوض المرتبط بالحرية والازدهار المتوقع نتيجة له. ـ إن من يتحمل جزءا كبيرا من هذه تكلفة المآسي هم المناهضون لرغبة الشعوب في التغيير والخلاص من الاستبداد، وذلك بإصرارهم على مواجهة شعوبهم بالحديد والنار والقصف ببراميل الطائرات وغيرها واحتلال المدن، فمثلا في سوريا يتحمل نظام الأسد المسؤولية الكاملة لأثمان نزوح الشعب السوري وتشرده إلى دول الجوار، بسبب خوفه من جرائم ومجازر النظام والخشية من معتقلاته أو اختطافاته وغياب الأمن والأمان، فيما يتحمل الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح كل ما ترتب على احتلالهم لمدن البلاد بالقوة على غير رغبة من سكانها. ـ ومن يتحمل جزءا رئيسا من تواصل هذه المآسي هو ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي لم يأخذ جديا أو فعليا على يد الأنظمة التي تواصل إجرامها على مرأى العالم ومسمعه رغم انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان واستخدام أسلحة وغازات محرَّمة، كما أنه لم يطبق مبدأ “حماية المدنيين” للتخفيف من معاناة الشعوب المغلوبة على أمرها والتقليل من خسائرها كواجب أخلاقي وإنساني قبل أي شيء. كما يتحمل ما يسمى المجتمع الدولي المسؤولية أيضا لأنه لم يف بتعهدات دوله لمساعدة الشعوب المنكوبة كالشعب السوري، كما لم تقم المنظمات الدولية بواجبها الإنساني وتقديم المساعدات المطلوبة لهم كما ينبغي، بل إنه ضنّ على من اضطرتهم الظروف لركوب المخاطر عبر البحر في توفير السبل الكافية لإنقاذهم من جشع أصحاب قوارب الموت.