12 سبتمبر 2025

تسجيل

بقاء قنديل

10 مايو 2013

انتهى أمر التغيير الوزاري إلى بقاء د.هشام قنديل في موقعه رئيسا للوزراء، وبذلك لم يستجب الرئيس المصري د.محمد مرسي لكل المطالبات التي تطايرت لفترة طويلة من كثير من الأحزاب والتيارات والقوى السياسية بتعيين رئيس وزراء جديد. وهكذا لم يستجب الرئيس لفكرة أو مطلب تشكيل وزارة من القوى والتيارات السياسية، إذ كانت المعارضة تطالب بوزارة إجماع وطني أو إنقاذ وطني. انتهى الأمر إلى تعديل وزاري استبعد بمقتضاه 9 وزراء بدلا من 11 وزيرا -كما جرى الحديث الرسمي خلال الأعمال التحضيرية للتغيير– لم يكن من بينهم أي من وزراء الوزارات السيادية "الدفاع والداخلية والخارجية والإعلام" إذ انصب التغيير على وزراء المجموعة الاقتصادية ووزير البترول، كما جرى ملء الفراغ في وزارتين كانتا شاغرتين، أولهما: وزير العدل الذي كان قد استقال لاعتراضه على مناقشة قانون السلطة القضائية في مجلس الشورى، وثانيهما وزير مجلسي الشعب والشورى الذي كان استقال لظروف صحية، وبذلك يكون مجموع من تم تغييرهم 7 وزراء فقط. ولاحظ المتابعون أن السبعة الجدد جاء من بينهم وزراء من الإخوان بنسبة أكبر من تلك التي كانت بين عدد الوزراء في الوزارة الأصلية، بما يمثل إشارة واضحة على شعور الرئيس مرسي بضعف قوى الضغط السياسي التي وضعت نصب أعينهما مطاردة كل تعيين لأي من الإخوان في السلطة التنفيذية، كما كشف التغيير، استمرار الرئاسة في توسيع دائرة أهل الثقة للتغلب على كثرة الاستقالات التي شهدتها مؤسسة الرئاسة والوزارة. وقد جاء وزير العدل الجديد من ذات المساحة التي كان قد جرى اختيار وزير العدل المستقيل، أو من بوابة وحركة استقلال القضاء التي نشطت في زمن مبارك. كما وصل إلى وزارة الثقافة، ولأول مرة بعد الثورة وزير ليس محسوبا على التيارات الليبرالية والعلمانية وهو ما يمثل قفزة نوعية وفتحا لمجال صراع ربما يكون أعتى من ذاك الجاري منذ تعيين وزير إعلام من الإخوان المسلمين، أما الجدال الدائر حول اختيار المستشار حاتم بجاتو – وزيرا لشؤون مجلسي الشعب والشورى- الذي كان قد هوجم كثيرا من قبل الإخوان المسلمين خلال عمله بلجنة الانتخابات الرئاسية، فقد مثل لغزا هذا التشكيل الوزاري، وأهم مؤشراته، إذ رأى فيه الكثيرون مناورة بالغة الذكاء من الرئيس، إذ كان بجاتو قد نال استحسان وثناء الإعلام الخاص المناهض للرئيس والحكومة وجماعة الإخوان، كما أن اختياره لهذا الموقع تحديدا يجعله في موقع المراقب والمتابع لكل التشريعات التي ستصدر من مجلس الشورى، فضلا عن طبيعة مهمته كممثل للحكومة في المجلس. الرئيس حسم أمره على أن يستكمل الدكتور قنديل ما بدأه، وقرر أن الوقت المتبقي من الآن وحتى الانتخابات البرلمانية التي سيعقبها تشكيل وزارة جديدة، لا يكفي أي رئيس وزارة جديد لكي ينفذ خطة جديدة، وهو غلب مسألة الاستقرار التنفيذي على الاستجابة للمطالبات السياسية، وبذلك تكون الوزارة الحالية هي آخر حكومات ما قبل الانتخابات البرلمانية، أو هي الحكومة التي ستجرى في ظلها الانتخابات، وهو ما يعني رفض الرئيس مرسي النداءات التي أطلقتها جماعات الإنقاذ التي طالما تحدثت عن حكومة من نمط آخر تجرى تحت إشرافها الانتخابات، ما يطرح تساؤلات حول احتمالات أن يكون هذا التغيير الوزاري أحد أسباب زيادة قوة تأثير الرافضين دخول الانتخابات البرلمانية تحت لافتة أن التغيير الوزاري تجاهل مطلبهم في تعديل المجموعة الوزارية التي في تماس مع العملية الانتخابية "الداخلية والحكم المحلي خاصة". ويكون الرئيس مرسي قد رفض ما طالب به فصيلان إسلاميان، هما حزبا النور والوسط، بضرورة تغيير رئيس الوزراء، بما يعني زيادة حالة الاحتقان السياسي وسط القوى الإسلامية. التغيير الوزاري تم، ويبقى المشهد السياسي يسير في ذات اتجاه الخلاف دون تغيير في اتجاه المصالحة، والكل في انتظار الإقرار النهائي لقانون انتخابات مجلس النواب ليعاد تشكيل الخريطة السياسية في مصر في انتخابات تحسم الخلاف والصراع السياسي وتحدد مصير الثورة المصرية.