09 سبتمبر 2025

تسجيل

إستراتيجية التنمية الوطنية (6)

10 أبريل 2024

* لا بد في بداية هذا المقال أن نتقدم بخالص التهاني لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وسمو نائب الأمير الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني، وكافة الشعب القطري والعربي والمسلم في كل أنحاء العالم، بمناسبة عيد الفطر المبارك، جعله الله عيداً يعود على المسلمين باليمن والخير وتحرير أرضنا المباركة في فلسطين. * اختم بهذا المقال سلسلة إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، بالحديث عن المجتمع المتماسك، الذي ترى الاستراتيجية أنه لا يمكن تحقيقه إلا عبر الحفاظ على القيم الأصيلة والروابط الأسرية القوية، وتعزيز المواطنة المسؤولة، وبناء مجتمع محلي متناغم ومنسجم ليزدهر في عالم يزداد عولمة. ولعل هذا المبدأ المطروح في الإستراتيجية يبشر بخير، ويظهر تماهي الاستراتيجية مع المجتمع الذي تعبر عنه وتنتمي إليه، خاصة أن الإستراتيجية أكدت أن لديها خمسة طموحات أساسية هي بناء أسر قوية ومتماسكة، والوصول لتحقيق مجتمع تشاركي يعمل على تمكين الفئات الأولى بالرعاية، وتمكين المرأة في مختلف المجالات وتعزيز المواطنة المسؤولة وتعزيز السلام والازدهار على الصعيد الدولي. وتهدف الاستراتيجية بحلول عام 2030 إلى رفع معدل الخصوبة إلى 3.0 وزيادة نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة النشطين اقتصادياً إلى 30 بالمئة، وزيادة عدد الأخصائيين الاجتماعيين المرخص لهم إلى35 لكل 100 ألف نسمة، وزيادة نسبة النساء في المناصب القيادية إلى35%، وزيادة حجم العمل التطوعي إلى 10%. إن بناء المجتمعات المتماسكة يتطلب تضافر جهود الدولة بكافة قطاعاتها، ولعل ما يحدث من تطور متسارع في العالم على مستوى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتغيرات السياسية والاقتصادية تحتاج منا أن نكون بنفس السرعة في الوقاية والحماية والتفاعل، كما أن الهجمات المنظمة التي تسعى لتفكيك منظومة الأسرة سواء من خلال وسائل الإعلام أو من خلال الإنتاج الفني للقنوات الفضائية يوضح لنا أن نواة المجتمع الحقيقة مهددة في كل جوانبها، الدينية والأخلاقية والمعرفية. إن أي عمل مرتبط بالمجتمع يجب أن يخضع لحوكمة صارمة من مجلس الوزراء، لا تتخطى فيه وزارة خطوط المجتمع المتماسك، ولا تتقاطع أعمال مؤسسة مع أخرى، ويكون البناء العام للمجتمع وفق ضوابط واضحة تساهم في تماسكه لتحقيق هذه الطموحات. ولعل أبرز ما لفت نظري هي الخطوات التي كتبت في الاستراتيجية لتنفيذ هذه الطموحات وهي: تعزيز وتوسيع الخدمات المُقدمة للفئات الأولى بالرعاية وتحسين برامج الضمان الاجتماعي، تمكين منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص من تقديم خدمات الدعم الاجتماعي، توسيع السياسات الأسرية الداعمة للإنجاب ودعم مؤسسة الزواج، تعزيز أنظمة الدعم لتمكين المرأة ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وأسرياً، تنمية رأس المال البشري للقطاع الاجتماعي وتقوية معايير وظائف الخدمة الاجتماعية، توسيع بنية العمل التطوعي في الدولة، تطوير برنامج لتحفيز العمل المدني لتعزيز المواطنة المسؤولة والمشاركة الفاعلة، تفعيل دور منظمات المجتمع المدني، تعزيز نموذج تقديم المساعدات الخارجية ومواصلة تطوير الشراكات مع المجتمع الدولي. إن القارئ لهذه الأهداف يرى نبل الرسالة التي تسعى الدولة لتحقيقها، لكن ذلك سيصطدم أيضا بقدرتنا على سرعة تعديل التشريعات والقوانين، وتعزيز مشاركة كافة المؤسسات والأفراد في بناء النظام المجتمعي الذي يناسب المجتمع، بحيث يكون البناء تفاعليا من الأعلى للأسفل والعكس وبشكل أفقي، بدلاً من أن يكون رأسيا من الأعلى للأسفل، فيضيع ما لا يمكن تعويضه، فالكارثة الاقتصادية إن حلت، يمكن أن تحل، وتذهب آثارها، لكن الكارثة الاجتماعية إن حلت، بقيت آثارها ورواسبها، وإن حل ظاهرها.