11 سبتمبر 2025
تسجيللم نعد كما كنا، فقد امتلأت قلوبنا بالخوف وعقولنا بالفكر والهواجس، يرعبنا صوت أي سيارة إسعاف، نرتعد ونجد أنفسنا نفكر في أحب وأقرب الناس. لقد أصبحت هذه المخاوف جزءا لا يتجزأ من حياة الكثيرين من الآباء والأمهات... كفى.. كفانا حزنا على الشباب الضائع، كفانا بكاء وألما، كفانا آباء وأمهات يتذوقون مرارة الحزن وألم الفراق مبكرا، كفانا أكفانا يافعة نوريها تراب الأرض، حتى تراب الأرض أصبح يبكي حزنا ويذرف دمعا على أكفان الشباب وأعمارهم الغالية التي ذهبت هباء. إن أبناءنا أغلى البشر علينا لا يعرفون أحيانا ما يفعلونه بنا، ولا يقدرون ما يعنيه أن بعض أفعالهم يتحول به آباؤهم الشباب الى الكهولة، وأمهاتهم إلى حطام في لحظة، حين يوارون أغلى وأثمن ما لديهم الثرى، ويقبلون أكبادهم قبلة الوداع الأخيرة، حين يكسر الحزن ظهورهم، ويخفت إضاءات حياتهم، ويطفئ فرحتهم.. وبلا شك نحن لا يمكننا أن نقف أمام أقدارنا، ولا أمام ما يكتبه لنا الله تعالى، لكن الأسباب دائما تكون أكثر ألما وأعظم مصيبة. فحين يرحل عنا من قد شاء الله أن يودعنا بعد مرض عضال يأخذ منه ما يأخذ، نجد أننا أحيانا لشدة حبنا العميق نحمل داخلنا ألمان، ألم الفراق العظيم، وألم آخر نشعر معه بالخجل بأننا لا نكره الموت أبدا، حيث كان رؤوفا بمن أحببنا حين أنهى آلامه التي تؤلمنا، ونستسلم لحزن ممزوج بسلام داخلي. لكننا حين نفقد من شبابنا من هو في أوج قوته وعافيته وشبابه في حادث لأنه لم يقدر مسؤولية قيادته، بانشغاله بما يشغل الشباب الآن من هواتف وأجهزة اتصالات، بالإضافة إلى السرعة الجنونية التي لا يقدر عقباها، والتفاخر بعدم الاكتراث؛ فهنا تكمن المصيبة والخسارة العظيمة والألم، حين يرحلون ويتركون مبكرا صورتهم الحزينة التي لا تمحى في قلوب وعيون ذويهم وأصدقائهم. تحدث أحد الآباء بأسى عن الألم والحزن الذي يعانيه ابنه الذي فقد أعز أصدقائه في حادث منذ فترة، وانه يضع صورته على عجلة القيادة في سيارته، لكنه للأسف يرى أن ابنه لم يتعظ، وانه لا يزال لا يكترث رغم كل من رحلوا من الشباب ممن عرفهم وممن سمع بهم، وانه لا يهتم بأي نصيحة من والده أووالدته، ولا يزال يكرر نفس أخطائهم ويقود سيارته بسرعة جنونية. فلا شك أن الآباء يريدون أن يقدموا لأبنائهم كل ما يسعدهم وما يقودهم لمستقبل أفضل، فالآباء والأمهات يحلمون بالمستقبل الباهرلأبنائهم، فيترجمون حبهم عطاء سخيا لهم، ولكن ليس الجميع يقدر قيمة العطاء. لقد رحل من رحل، وبقي حيا ميتا من تعطلت كل حياته وحواسه بسبب حادث، وتركوا بصمة حزن عميقة وألما وانكسارا في وجوه ذويهم لا تخطئها عيون الآخرين. إنها رسالة لمن لا يزال لا يفكر ولا يقدر، لا ينظر ولا يتعظ، إليكم أيها الشباب الغالي، إذا كنتم لا تعرفون لنفسكم الغالية ثمنا، فلا تنسوا آباءكم وأمهاتكم الذين يتمتمون ليل نهار بأعظم الآيات والدعوات بأن يحفظكم الله، الذين ينتظرون بشغف أن يروا مستقبلكم الباهر وحياتكم كأعظم وأجمل حياة، فلا تفجعوهم باستهتاركم وتتركوا لهم الحزن والألم، فكفانا أكفانا وآلاما وأحزانا. رسالة إلى كل ابن.. لا تفكر في نفسك فقط، خذ ثواني من وقتك قبل قيادتك، وفكر فيمن حولك، ممن تحبهم ويحبونك كثيرا، وينتظرون عودتك بشغف.. إنك لديهم أثمن مما تتوقع.. فعد لهم سالما. [email protected]