17 سبتمبر 2025

تسجيل

مرضى السرطان خارج قطر.. فلنسمع نداءهم

10 أبريل 2011

لن يستطيع أن يعبر عن حالة مرضى السرطان وذويهم في الخارج إلا هم أو من اقترب واحتك بهم عن كثب وسمع أنينهم ومعاناتهم.. بحكم اقترابي حاليا منهم وهم في أحد أكبر وأهم مركز علاج السرطان في العالم "ام دي اندرسون" في مدينة هيوستن — في ولاية تكساس الأمريكية، خصوصا وأن هناك الكثير من المرضى القطريين، أجده واجبا أن أطرح قضية خاصة بالمرضى القطريين في الخارج. لا شك أن ابتلاء المرء بمرض السرطان يشكل ابتلاء صعبا ليس له فحسب بل لكل من حوله، وكلنا يعلم ان علاج مرض السرطان يستدعي خطوات ومراحل متعددة ما بين العلاج الكيميائي الذي يوزع على جلسات تتراوح فترة الراحة بينها من أسبوع إلى 4 أسابيع وتستمر إلى عدة أشهر أحياناً وفقا للحالة ومدى الحاجة لمواصلة العلاج واستئصال السرطان من موقعه، ومتابعة الفحوص بعده لضمان عدم انتشاره والعلاج التابع له من علاج كيميائي أو إشعاعي أو طبيعي أو متابعة أو غيره.. يعمل العلاج الكيميائي على تدمير الخلايا السرطانية ولكن الآثار الجانبية للعلاج قد تؤثر على بعض الخلايا السليمة وعلى عدد كريات الدم وانخفاض البيضاء والذي يعرض المريض لخطر وسرعة العدوى من أمراض أخرى، وانخفاض عدد الصفائح وإمكانية حدوث نزف من الأنف أو اللثة. فضلا عن الآثار الجانبية الأخرى من التعرض للالتهابات والغثيان والتقيؤ، أما التأثير الأصعب فهو الأثر النفسي للعلاج الكيميائي فهو عميق ومتعب إذ يسبب حالات من الحزن والاكتئاب مع وجود الآثار الجسدية الأخرى. وهذه يجب ان تراعى في علاج هذه الحالات. ومع تقدير جهود دولة قطر السباقة في توفير خدمة العلاج بالخارج للمصابين بالأمراض المزمنة والمستعصية، ومع الجهود المبذولة في مستشفى الدم والأورام " الأمل" الذي لم يعد يغطي الزيادة المضطردة في حالات السرطان مع محدودية عدد الأسرّة فيه ومستوى ومدى الخدمة الإشعاعية او الكيميائية لمرض يعد طويل الفترة العلاجية، ومع التقدير والشكر سلفا لكل الجهود المبذولة من السفارات او القنصليات المعنية بشؤون المرضى خارج قطر والقائمين عليها لما يبذلونه من جهود حثيثة. ولكن وسط هذه الآثار الصحية والنفسية على مريض السرطان وانين الألم، لا يحصل من اللجنة الطبية في قطر إلا على مرافق واحد لمرافقته في فترة قد تطول فوق الفترة التي يستطيع جدول ووقت والتزامات المرافق الوحيد مكوثها في الغربة بمفرده دون مساند لدى أي من الجنسين. لدى امرأة تحتاج حتما الى امرأة أخرى مثلها بجانبها تمرضها وتسلي كآبة الآثار الجانبية للعلاج وهم الغربة فضلا عن احتياجها لمرافق رجل يقضى حوائجهم ويعينهم في تدبير أمورهم العامة والتي قد تتطلب الاحتياجات المادية والجسدية من حمل المريضة العاجزة عن المشي أو الحركة أحيانا. ولدى رجل مريض الى جانب حاجته لرجل مثله يظل في حاجة إلى المرأة أيضا "الزوجة أو الأخت أو البنت" خصوصا في فترة قد تطول على المرضى في هذا المرض المستعصي الذي تخصص الدول المتقدمة في علاجه أيضا إرشادات نفسية وسيكولوجية تدعم موقف المريض وتشد من أزره، حيث يشدد المعالجون على أهمية برنامج تأهيلي خاص لكل مجموعة من المصابين بنفس المرض للتعايش معا إضافة إلى مساندة المريض من قبل الأصدقاء والأسرة والمجتمع. ومع التقدير لجهود لجنة العلاج في الخارج في وزارة الصحة فان التماس حاجة المرضى وندائهم المتكرر في الغربة هي كلمة حق يستشعرها من عانى من هذا المرض العضال " ومر بتجربته المريرة، والتي تلزم المريض بل وحتى مرافقه المعافى منزلهم لشهور لا يروا فيها النور إلا لأجل الموعد الطبي ومقتضياته نظرا لوجود شخص واحد فقط يراعي المريض لا يستطيع الخروج عنه لأي سبب وتحت أي ظرف. وإذا كانت اللجنة في وزارة الصحة تعطي مرافقا واحدا الأحقية بإجازة من عمله وبأجر مرافق، فالأجدر أن ينظر في موضوع تحديد مرافقين اثنين لكل مريض بمرض عضال "رجل وامرأة" حتى لو قدمت الدولة للمرافق الثاني على الأقل التسهيلات المهنية الرسمية في اعتماد إجازة مقبولة "مدفوعة الأجر" من عمله لمرافقة المريض. فضلا عن كوننا نرى ضرورة قيام الجهات المعنية في الدولة بدعم مقار سكن المرضى القطريين والمرافق التابعة للمجمعات السكنية المناسبة لهم بملاعب ومسابح وحدائق في مدن مراكز علاج السرطان في الخارج بما يساعد المريض على التأهيل النفسي وتخطي مرحلة العلاج وهذا الأمر لا يعد كثيرا على دولة قطر السباقة في مجال دعم الرعاية الصحية أو التعليم في قطر وخارج قطر لدول متعددة. هذا ولا بد من الإشارة إلى أمر مهم في المراجعة الدورية إذ ان السرطان وفقا لطبيعته كما يعلم الجميع ليس شبيها باستئصال اللوز أو الزائدة الدودية التي قد يفحص المريض بعدها للاطمئنان فقط، ولكنه المرض الذي يجب ان يعود فيه المريض للفحص لدى طبيبه المعالج بعد فترة من الجرعات المحددة وذلك للاطمئنان الى عدم الانتشار وهنا ننوه بانه لا يجد الكثير من المرضى القطريين الذين يرسلون عن طريق اللجنة الطبية مواصلة اللجنة في ابتعاثهم لهذا الموعد للمراجعة في الخارج والذي لا يقل أهمية عن سابقه بل هو أهم، حيث يعود المريض لقطر بعد فترة علاجية مطلوبة ومحددة سلفا ليجد نفسه بعد أشهر محددة أمام رفض اللجنة إعادة إرساله إلى طبيبه الدولي وكأن بتر السرطان في المرحلة الأولى يعد بترا أيضا لأحقية المريض القطري في متابعة العلاج في الخارج، وهنا يجب التنويه الى ان تكبد مريض السرطان لقطع هذه المسافات الشاسعة للعلاج ليس سياحة كما يظن البعض، ومن سمع آهاتهم خير من يدرك ذلك. وهذا لعمري ظلم لمريض بمرض غير عادي على الإطلاق كونه في بلد يشح فيه عدد المواطنين القطريين في نسبة السكان، وتشح الخدمات المتقدمة ومدى كفايتها لمواجهة هذا المرض المضطرد الزيادة، بل تتزايد فيه حالات السرطان وأسبابها ومسبباتها دون يد للفرد فيها سوى قدر كونه ولد في بلد نفطي مع ما لها من تبعات، وجوهرية في موقع أطراف صراع ونزاع سياسي في الاستخدامات العسكرية في منطقة الخليج الواضحة سلفا في حربين خليجيين له تبعاته البيئية في جوه وبره وبحره الذي يعد المصدر الوحيد المهدد للمياه الصالحة للشرب بعد التنقية، هذا مع وجود المسببات الأخرى في ظل التطور المدني والعمراني والتي لا تزال فيها دولنا بكرا في البحوث السرطانية. كل ذلك يضاف إليه العيش تحت هاجس الألم والخوف من المجهول الذي تعجز خدمات مستشفياتنا المتواضعة عن ملاحقته ومتابعته رغم وجود أطباء قطريين متخصصين في هذا المجال النادر والذين يشهد لهم بالكفاءة من قبل المرضى المعالجين على أيديهم في قطر. فالسرطان مرض يجب ان تنظر فيه الجهات المعنية في الدولة بخطة وإستراتيجية وقائية وعلاجية آنية وتبعية، وسبق دولة قطر في كافة المجالات وجهودها في مجال الرعاية لا بد وان تكتمل لهذا الإنسان القطري الذي هو محور التنمية وأداتها. عافاكم الله من هذا المرض العضال... وعافا مرضانا جميعا وفرج كربتهم وغربتهم" كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com