20 سبتمبر 2025
تسجيلالفساد فعل إنساني منافٍ للخلق والدين، يستقر في بيئة فتصبح بيئة فاسدة وقابلة بالتالي للفساد، ليس هناك فساد دون مفسدين أو فاسدين، بالتالي هو انتهاك انساني شرير أو لا أخلاقي يضرب منظومة المجتمع الدينية والاخلاقية ويعيد تشكيل المجتمع على نحو خطير بحيث يصبح هو المنظومة الاخلاقية الوحيدة للتوافق مع المجتمع، والوسيلة الوحيدة للتمكين فيه. من الغريب أن تجد الدول الاقل تدينا في العالم هي الدول الاقل فسادا على مؤشرات الفساد العالمية، الدنمارك، نيوزيلندا، السويد، فنلندا، بينما تجد دولنا العربية والاسلامية الاكثر تدينا "كما ندعي" في قائمة الدول الاكثر فسادا، ليس هنا فقط الاعتماد على مؤشرات الامم المتحدة والهيئات العالمية وإنما على كذلك على الغياب الواضح لوسائل الرقابة الدستورية والشفافية الادارية. هل هناك فهم للدين ايا كان نوعه يحتمل الفساد أو شكلا من أشكاله او يبرر له؟ هذا السؤال هام جدا في مجتمعاتنا، لا أجد جوابا شافيا له، لكي نستطيع فهم هذا التناقض. من المؤسف ان تتحول القابلية للفساد في مجتمعاتنا الى نمط سلوكي مقبول وشائع من خلال أمرين هامين: 1- التقليد: يقلد الموظف مديره الفاسد، ويقلد المدير مسؤوله الفاسد وهلم جراً. 2- يعفى المسؤول لفساده من الباب ليعود من الشباك، فعدم جدية العقاب وعدم شموليته جعلا من ممارسة الفساد فرصة العمر دونما تكلفة باهظة معتمدا على تجاوز المجتمع ونسيانه مع الوقت. هشاشة مجتمعاتنا أمام الفساد، امتدت بنا الى اعتبار ان هناك هشاشة أيضا للدين أمام الفساد "قبل لا تموت حج حجتين وابن لك مسجد" و"الله غفور رحيم" بهذه السهولة والسطحية. يحدث الفساد في نفسية المجتمع العاجز عن مقاومته تغيرا نفسيا خطيرا، يتمثل في النفاق والحقد، وهما اثران مدمران لأية تنمية، لم اعجب عندما أرى الموظف يوغل في تكسير سيارة الحكومة لأنها في نظره تمثل الفساد، لم أعجب عندما أرى الموظف لا يقوم بواجباته ويتهرب ويستغل ادواته استغلالا سيئا لأنه يشعر بالفساد ولا يقدر عليه فينتقم منه بعيدا عن الأعين، لا اعجب من مسؤول كبير "يسرق ويرتشي في أول سنين تعيينه بأسرع ما يكون، شكا احد المسؤولين من سوء وضعه بعد خروجه من المنصب فجاءه الجواب" ليش ما نفعت نفسك"؟. [email protected]