11 سبتمبر 2025

تسجيل

الثقافة الإليكترونية

10 مارس 2016

كنا قد تناولنا فى مقالنا السابق تحت عنوان " مواقع التواصل الإجتماعى .. ما لها وما عليها " المستجدات التى طرأت على حياتنا بعد إنتشار الإنترنت بشكل غير مسبوق فى حياة كافة الناس فى كل الأقطار من جميع طبقات المجتمع الأغنياء والفقراء وعلى إختلاف حظوظهم من التعليم وكيف أن " الفيسبوك " بإعتباره أكثرها شهرة بالإضافة إلى المواقع الأخرى بطبيعة الحال قد أثرت تأثيرا كبيرا فى حياتنا جميعا .. منها ما هو إيجابى ومنها ما هو سلبى .. إلى آخر ما جاء فى المقال . وفى مقالنا اليوم نتناول تأثير هذه المواقع جميعا بالإضافة إلى مواقع البحث مثل " جوجل " و " جوجل كروم " وغيرها على ثقافتنا وتشكيل وجداننا .. وهو ما يمكن أن نطلق عليها " الثقافة الإليكترونية " .. وهى بلا شك ثقافة وافدة علينا – نحن العرب – ويمكننا أن نقول باطمئنان أنها ثقافة ترفيهية فى طبيعتها تغلب عليها الصورة والحركة والقراءة العابرة كما أسلفنا فى مقالنا السابق . ونود أن نؤكد فى هذا السياق أن البون شاسع إذا ما حاولنا أن نقارن بين الثقافتين .. الثقافة الإليكترونية القائمة أساسا على الإنترنت والثقافة الأصلية أو التقليدية وهى تلك التى تعتمد على الكلمة المكتوبة أو بالأحرى ثقافة القراءة الواعية للكتب والصحف والمجلات المتخصصة والتى ظلت لسنوات طويلة إمتدت لقرون عديدة تسهم بشكل مباشر فى تكوين الشخصية المعرفية لكافة الثقافات .. العربية منها وغير العربية .. وربما تكون تلك الكلمات هى بالنص كلمات الأستاذ الدكتور بهاء حسب الله الأستاذ بكلية الآداب بجامعة حلوان فى مقاله القيم " سبيل النجاة " بجريدة الأهرام فى نفس الموضوع والتى أحترمها بكل تأكيد وأرى أنها تتوافق فى معظمها مع وجهة نظرى فيما عدا بعض النقاط التى سآتى على ذكرها لاحقا .. وقد أردت بهذا نسب الفضل لصاحبه من باب الأمانة العلمية . وبالقطع فإن الإعتماد الكلى على الثقافة الإليكترونية دون غيرها ينبئ بمستقبل خطير يهدد المنظومة الثقافية على كل المستويات كما يهدد الأثر الثقافى فى الداخل والخارج . ومن البديهى أن تكون المادة المطبوعة على أوراق يمكن الإحتفاظ بها وأن تكون بين أيدينا فى أى وقت .. وهى دليل قاطع على وجهة نظر كاتبها ويمكن مساءلته إن جانبه الصواب أو كتب ما يضر بأمن أو سلامة المجتمع وأمن أفراده .. وهنا قد يقول قائل أن المادة التى يبثها صاحبها يمكن الإحتفاظ بها أيضا .. وهو قول صحيح .. ولكن أيضا من الممكن إلغاؤها أو تغييرها أو حتى محوها تماما .. كما يمكن التنكر لما جاء فيها وهنا يكون من المستحيل – إلا فى حالات قليلة – إثبات المسئولية .. كما أن المادة على المواقع الإليكترونية من السهل إستدعاؤها ونقلها أو حتى تحريفها .. ونحن لا نفترض سوء النية فى كل الأفراد ولكننا أردنا فقط التدليل على الفروق بين كلا المادتين المبثوثة والمنشورة . وبالقطع أيضا فإن إنتشار الإنترنت جاء على حساب أسواق الصحف والمجلات المتخصصة والكتب التى تراجعت مؤشرات توزيعها إلى حد كبير بات يهدد تواجدها ذاته خاصة فى ظل الإرتفاع المضطرد فى تكاليف الطباعة .. وللتدليل على ذلك دعونا نقارن بين معارض الكتاب التى كانت فى الماضى مؤتمرا محليا ودوليا وعرسا حقيقيا للثقافة وبين ضعف الإقبال عليها فى الوقت الراهن . ويطالب المثقفون ( ومن بينهم الدكتور بهاء حسب الله ) بضرورة أن تنتهج الدول سياسات واضحة قبل أن تتفاقم المعضلة الثقافية والعمل على إنقاذ الأجيال الجديدة من هوة السقوط فى يم الثقافة التكنولوجية الحديثة على حساب الثقافة الأصلية والمتمثلة فى القراءة وأن الكتاب هو سبيل النجاة لتحقيق هذا الهدف .. وهنا نختلف معهم فى وصفهم للثقافة الإليكترونية باليم الذى تسقط فيه الأجيال الجديدة لأن الثقافة الإليكترونية لها فوائدها ووجاهتها ويحمد لها سهولة الحصول عليها وبساطة تكلفة إستخدامها . ومن هنا فإننا إعترافا منا بقيمة الثقافة الإليكترونية إلى جانب متعة قراءة الكتب والصحف والمجلات والكلمة المطبوعة بشكل عام فإننا يجب علينا الإهتمام بكلا الثقافتين وألا يكون شغفنا بواحدة على حساب الأخرى .. فلكل منهما قيمته ومميزاته التى لا يمكن تجاهلها أو الإنصراف عنها . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .