12 سبتمبر 2025

تسجيل

الوكرة بين وادي السيليكون والشبرة

10 مارس 2015

انتهى إلى مسامعنا خبر أيام انعقاد مؤتمر عالم الاتصالات تيليكوم 2014" الذي نظمه "الاتحاد الدولي للاتصالات " في ديسمبر 2014 في الدوحة حول (حلول المدن الذكية وتوجهات تكنولوجيا "إنترنت الأشياء") بأن مدينة الوكرة قد تم اختيارها لتكون مقرا للمدينة التقنية لدولة قطر وهو خبر مفرح بشكل عام بأن يكون لقطر نسختها من "السيليكون فالي " وهي تجنح للعالمية، وما إن قدمت إلى الوكرة في ذات الشهر، بعد غياب، حتى رأيت التفاحة !! أقصد تفاحة آدم لا تفاحة جوبز وهي تجوب شوارع الوكرة الرئيسية،نعم التفاحة!! فقد وجدت شبرة الفواكة والخضار وقد تربعت في مدينة الوكرة طريقا عاما من أهم شوارع المدينة وهو شارع الوكير العام في مكان لا نحسد عليه مدنيا حيث تجاور الشبرة بمفهومها البسيط لعرض أهم معالم المدينة دون أن يُنتقى لها- لو صح أصلا مكانها- مبنى ذو طراز معماري حضاري ثقافي مثلا أو تقليدي تراثي يشرّع لها وجوب مجاورة المشاريع الكبرى الرائدة بجانبها مثل مستشفى الوكرة والمجمع التجاري المرتقب، فضلا عن احتلالها موقعا كان الأجدر الاستفادة منه في مشاريع سياحية جديدة أو ثقافية مثل مكتبة الوكرة العامة، هذا بعد إلباسها حلية مطوّرة لتجاور فيها المول حتى يغذي العقول منها من يرتاد ذات الشارع للتبضع تسوقاً أو حتى عند الانتظار أو الدخول للتطبيب في الصرح الطبّي الكبير المجاور في المدينة، هذا بعد أن تتفضل وزارة الثقافة بتغيير موروثاتها البالية المغبّرة في المكتبات العامة بحيث تغذيها ببرامج ثقافية أسرية وطفولية مبتكرة في مكتبة كل مدينة مثل المعمول به في الدول الغربية، ولكن- ورغم أهميتها للمدن- فاجأتنا "الشبرة" وهي تحتل شارعا حيويا تنتظره طرق رئيسة مزمعة ستربط الوكرة بمدن قطر من عدة جهات بدلا من الوضع الحالي اليتيم الخانق، وستمثل شريانا رئيسا بين الدوحة والصناعية ومسيعيد، وبين الشبرة والتقنية ظننا أن الأمر قد اختلط بين وزارة البلدية والتخطيط العمراني وبين وزاة الاتصالات أي بين تفاحة ستيف جوبز وتفاحة آدم وحتى نيوتن.فهل أريدَ لتخطيط المدينة بهذه الطريقة حتى لو كانت لمرحلة انتقالية أو مؤقتة أن تكون من المدن الذكيّة أو من المدن الغبيّة! أو المدن الخطرة حتى على حياة البشر؟ خصوصا أن طريق الوكير العام الممتد من دوار مركز الوكرة الصحي ضيق، وسبق أن حدث فيه الكثير من الحوادث وحصد الوفيات حتى من قبل المشاة الذين يقطعون الطريق للوصول للمركز الصحي والذي جاورته "الشبرة "، وهو الذي يفترض أن يكون شارعا رئيسا بحارتين ومداخل فرعية للخدمات، بدلا من الشارع الواحد، ناهيك عن الاختناق التام عند مدخل الوكرة الرئيس ومدخل الوكير بسبب مستجدات مجمعات بروة وإزدان المتراصة التي أقحمت عليهما بعشوائية، فحولت المدينة الوادعة إلى مدينة مختنقة لا يكاد الفرد يخرج منها إلا من عنق زجاجة بشكل غير مخطط بتخطيط ذكيّ للطرق يوازي غباء بل جشع سرعة ملء المواقع الحيوية بالمجمعات المليونية "علب الكبريت" وحصاد إيجاراتها، وما أدت إليه من طفح سكاني غير مسبوق من المقيمين ومن العمالة بشكل لم يسبب الاختناق فحسب بل قوّض مشاريع الهويّة والحفاظ على التركيبة السكانية المترابطة وما أسلمت إليه من التغليب التغريبي على القطري، ومما شتتت في الوقت نفسه شمل الأسر الممتدة، ومن ثم نتوقع أن يتكاتف التخطيط العمراني والمدني بالتنسيق مع وزارة الداخلية أيضا بشأن حقوق المشاة والمارّة في الأنفاق والجسور لربطها الذكي بالمراكز الحيوية الصحية والتجارية تجنبا للحوادث وإزهاق الأرواح، فضلا عن التكاتف والتنسيق مع اتصالات قطر وأوريدو في مفهوم "المدن الذكية " الشامل، حيث تعمل أوريدو مع شركات كبرى لتطوير المدن الذكية كما عبرت عنه بأنه "تمشيا مع المبادئ الأساسية طويلة الأجل للتطوير العقاري والإنشاءات في قطر حيث إن التقنية تأتي في مكانة بالغة الأهمية في المشاريع الجديدة فيما يمكن من تطوير: اقتصاد ذكي، تنقل ذكي والحوكمة الذكية " نتمنى ذلك.. ولكننا نعلم بديهيا أنه لا يمكن زرع جهاز ذكي في تخطيط غبي وأصعب الغباء مداخل المدن "عنق الزجاجة " وخنق حركة البشر في الشريانات الرئيسة حتى لو تفوق التنقل التقني فيها. "نريدُ " نحن للوكرة وغيرها من مدن قطر أن تكون مدنا ذكية بمعنى أن تشقّ التفاحاتان طريقهما الصحيح في تنقل ذكي لتحقيق اقتصاد ذكي بتخطيط مدني ذكي أيضا، فكما لا يعقل أن نضع المدينة التقنية المستقبلية بجانب سوق السمك – وهذا على سبيل المثال فحسب - لا يعقل أن نضع سوق الفاكهة والخضار على الشارع العام بجوار أهم المرافق الحيوية والشريان الرئيس – وهذا مستمر حاليا. الأهم من ذلك كله أن يحقق مفهوم المدينة الذكية بشقيه "اقتصاد، تنقل " مفهوم المدينة الآمنة مدنيا والحضارية الثقافية عمرانيا إلى جانب التقنية الذكية وإلا فإننا قد أصابتنا شرارة العين سلفا في مشروع الاتصالات وأوريدو المزمع، نريدُ من مؤسساتنا التكاتف في أعمالها ومبادراتها حتى نصل إلى ما أريدَ بقولهم "الحوكمة الذكية " بدلاً من أن يضرب مُدنَنا فيروس الغباء .