14 أكتوبر 2025
تسجيليرتبط التعلم ارتباطاً شديداً بالتذكر، ذلك أنه إذا لم يتبق لدينا شيء من خبراتنا السابقة فلن نتعلم شيئاً، وللتذكّر أهميته الخاصة، فإن تفكيرنا مرتبط إلى حد كبير بما نتذكر من حقائق، كما أن استمرار الإدراك في حد ذاته، إنما يتوقف على استمرار ذاكرتنا، فنحن نستطيع أن ندرك العلاقات بين الماضي والحاضر، ونقوم بعمل تنبؤات عن المستقبل، ويرجع الفضل في ذلك كله إلى حضور ذاكرتنا وقوتها ومرونتها. ونحن نتعلم ونتذكر وننسى باستمرار، وتجَمُّع المعلومات وتراكمها هي عملية يبدو فيها الشخص كمن يخطو خطوتين للأمام وخطوة للوراء. وهذه العملية تحتم على المدرس والطالب الاهتمام بجانبين أساسيين هما:- كيف يمكن أن يكون التعلّم فعّالاً؟- كيف يمكن أن نتذكر ما تعلمناه تذكراً جيداً؟ ولو كان الإنسان يتذكر كل ما يتعلمه، ولو أمكن حفظ الحقائق والمفاهيم والمهارات حفظاً تاماً؛ لكانت الامتحانات غاية في السهولة، ولكانت معلوماتنا ومعارفنا واسعة تماماً، إلا أن الواقع غير ذلك، فحصيلة الطفل من المعلومات خلال عام واحد ضئيلة، لاحظ مثلاً مقدار ما يتذكره الطالب الجامعي من دراسة اللغة الفرنسية في المرحلة الثانوية، أو من دراسة التاريخ، إن ما يتذكره لا شك قليل ومحدود. وسوف نعرض لمفهوم كل من التذكر والنسيان وما يرتبط بهما من عوامل قد تساعد على التذكر أو تقادم النسيان.- التذكر: (1) تعريف التذكر: التذكر هو القدرة على استرجاع الخبرات السابقة، ولذلك فإن التعليم يعتمد على ما نستطيع تذكره في الوقت الحاضر، كما أن التعلم والتذكر عمليتان يؤدي كل منهما إلى الآخر. فنحن لا نستطيع أن نتعلم شيئاً دون استعادة ما يرتبط بالموقف التعليمي من خبرات ماضية، كما أن التعلم لا يكتسب معناه إذا لم نكن قادرين على تذكر ما تعلمناه لنستخدمه في مواقف مقبلة.(2) وسائل التذكر:1- الاستدعاء: هو: عملية استرجاع الاستجابات الماضية دون وجود المثير الأصلي الذي استدعاها في الأصل، ومثال ذلك: استرجاع قصيدة من الشعر ثم تعلمها في الماضي، أو: استرجاع بعض المعلومات التي دُرِسَتْ من قبل. ويتم الاستدعاء على هيئة صور ذهنية تنقل المعنى الذي وُجد في المثير الأصلي أثناء عملية الإدراك، وهذه الصورة الذهنية تحدث غالباً في صورة ألفاظ وعبارات. وقد يكون الاستدعاء مباشراً أو غير مباشر.2- التعرف: عندما نتعرف على شيء فإننا نعني بذلك أن هذا الشيء مألوفاً لدينا، والتعرف ظاهرة شائعة وهي تتم بطريقة تلقائية، فقد تقابل زميلاً قديماً لك لم ترهُ منذ وقت طويل وتقول له: "إنني متأكد أننا تقابلنا من قبل رغم أنني لا أذكر اسمك أو أين ومتى كان ذلك".3- التداعي والترابط: تتداعى الأفكار المترابطة لدى الفرد، أي أن الفكرة تلو الأخرى في ترابط واتصال، حيث يتذكر الفرد موضوعات وأموراً يتصل بعضها ببعض، وبقدر ترابط تلك الأفكار وتماسكها تحدث عملية التداعي لدى الفرد. ويوجد نوعان من التداعي هما: التداعي الحر والتداعي المقيد.(3) العوامل المؤثرة في التذكر:1- سرعة وبطء المتعلم: يختلف الأفراد فيما بينهم من حيث معدل السرعة في عملية التعلم، فمنهم من يتقدم بسرعة ملحوظة، ومنهم بطيء التعلم؛ وبالتالي يؤثر هذا العامل في تذكر الموضوعات من حيث السرعة في التعلم والفهم والاستيعاب.2- مواد التعلم: يؤثر عامل المعنى تأثيراً فعالاً في مدى تعلم الفرد للمواد المختلفة. فالمادة ذات المعنى أسهل وأيسر في تعلمها واسترجاعها، حيث يجد التلميذ يسراً في حفظ المواد ذات المعاني الواضحة، وبالتالي يؤدي عامل المعنى إلى سرعة التعلم والحفظ والاسترجاع.3- طرقة التعلم: تؤثر طريقة التعلم المستخدمة في مواقف التعلم، على مقدار حفظ المادة، ومقدار تذكرها، فالطريقة الكلية في التعلم -رغم تعدد فقرات الموضوع المدروس- إلا أن المتعلم يحاول دراسته كوحدة كلية متكاملة الأجزاء. بينما في الطريقة الجزئية يسير المتعلم في تعلمه للأجزاء حتى ينتهي من الموضوع. ويرتبط بطريقة التعلم التدريب والممارسة اللذين يساعدان المتعلم كثيراً في مقدار حفظه للمادة المتعلمة وتذكرها.1- النــسـيـان: 1- تعريف النسيان: هو: عدم القدرة على تذكر بعض الخبرات التي سبق اكتسابها وتعلمها، ومن ثم يُعْتَبَر الجانب السلبي للتذكر. وعملية النسيان التي تحدث للإنسان، فيفقد بعض خبرات ومواقف من ذاكرته وبالتالي لا يقوى على تذكرها، لهو أمرٌ مفيدٌ بالنسبة له. فقد تكون الخبرات والمواقف مؤلمة غير سارة وبالتالي فإن نسيانها أفضل من تذكرها. كما أن العقل الإنساني تتراكم بداخله الحقائق والمعلومات والمواقف. هذا التراكم والتزاحم من شأنه أن تختلط الأمور ببعضها البعض، ولكن عملية النسيان التي تحدث تحقق جزءاً من التنظيم لتلك المعلومات والحقائق، حيث يتسع المجال لمعلومات وإضافات جديدة تنمّي العقل والتفكير.2- عوامل النسيان:أ - الفترات الزمنية الطويلة تؤدي إلى نسيان الموضوع أو الشيء، حيث ينقص مقدار تذكر الفرد للموضوعات والخبرات والمهارات.ب- التداخل الذي يحدث بين مجموعة من الأفكار والحقائق، من شأنه أن يؤدي إلى النسيان.ج- الكف الرجعي الذي يحدث في مواقف التعلم يساعد على حدوث النسيان.د- عدم تثبيت موضوع التعلم عن طريق التكرار يساعد على حدوث النسيان.هـ- المواقف الانفعالية المؤلمة بالنسبة للفرد تساعد على حدوث النسيان؛ نظراً لأنها تكبت ولا تظهر في الشعور.و- غموض المعنى والتباسه لدى الفرد في موضوعات التعلم يؤدي إلى النسيان.3- العوامل التي تساعد على الحفظ الجيد: 1- وضوح المعنى لدى المتعلم: يؤدي وضوح المعنى لمحتوى المادة التي يتعلمها الطالب إلى تسهيل الحفظ، وتسهيل عملية التعلم بشكل عام. وقد تبين من نتائج بعض الدراسات أنه من السهل تذكر المادة الدراسية إذا كان معناها مفهوماً وواضحاً وكان محتواها منظماً والعكس.2- التنظيم: يساعد التنظيم السليم على حفظ آلاف الحقائق والمفاهيم والمهارات في اللغة والعلوم والرياضيات والاجتماعيات وغيرها من المواد الدراسية التي يتعلمها طلاب المدارس على اختلاف أنواعها ومراحلها، كما يؤدي تنظيم المادة الدراسية وفهمها إلى مقاومة الكف الرجعي.3- الإتقان: من الصعب تذكر أي معلومات دون إتقانها، ويتحقق الإتقان عن طرق التدريب المتواصل على مهارة ما، أو حفظ معلومات ما، فإن زيادة التعلم واستمراريته في موضوع معين تقلل من النسيان وتساعد على الحفظ.4- المراجعة: مراجعة المادة أو المواد المتعلمة التي نستذكرها مراجعة منتظمة وعلى فترات يساعد على الحفظ ويقلل من نسبة النسيان، وترجع أهمية المراجعة إلى أنها تساعد على تثبيت المادة المتعلمة.5- التكامل: يمكن تحسين الحفظ عن طريق العمل على تكامل الموضوعات التي يدرسها الطلاب في تتابع. فعندما يدرس الطلاب مجموعة متتالية من الموضوعات كما في العلوم أو المواد الاجتماعية أو اللغة العربية، يجب أن يكون الموضوع الجديد مرتبطاً بالموضوع القديم أو يدرس كاستمرار طبيعي للموضوع القديم، ومثل هذا التكامل في دراسة الموضوعات المتتابعة يقلل من فرصة النسيان.العوامل الدينامية المساعدة على الحفظ: ومن أمثلة هذه العوامل: الميول، والاستعداد العقلي، وتوافر هذين العاملين من شأنه أن يساعد على التذكر ويقلل من فرص النسيان.