11 سبتمبر 2025
تسجيلليس لأنها قطر أتكلم وأمدح وأقول وأسهب .. لا والله ولكن حسها الإنساني العالي بأشقائها العرب والمسلمين يجعلها في الأزمات تنحي خلافها السياسي وتنحني للظرف الإنساني مهما كان سقف الاختلافات عاليا جدا، ولذا فأنا فخورة بأن الدوحة تمثل ما تدعو له وتفعل ما تقوله وتلتزم بما تعد به ولا تطلق مفرقعات إعلامية لأجل تسجيل موقف هش فقط مثل رمال ناعمة تذروها الرياح فلا تبقِ منها أثرا واضحا كما هو الحال مع كثير من الحكومات على اختلاف الهوية والموقع والانتماء ولطالما وقفت قطر في أزمات الدول التي تختلف معها لربما سياسيا، أما الظروف الإنسانية فإنها تسارع في نجدة هذا البلد المنكوب فلا تلتفت للماضي الذي لربما ولى بخلافاته أو للحاضر المستمر به لأن ما يهمها هو أن تعيش أرواح بريئة ليس لها دخل بكل خلافات الحكومات ودائما ما تصر دولة قطر في دعواتها المعلنة بأن تفصل الحكومات بين اختلاف وجهات النظر فيما بينها أو حتى الخلافات حول عدة نقاط غير معلنة وبين شعوب الدول التي لا ناقة لها ولا جمل بهذا الخلاف وما شابه ولذا فهي اليوم على رغم تأكيد الدوحة على أن نظام بشار الأسد قد ارتكب جرائم حرب ضد شعبه الأعزل فإنها اليوم وتحت ظل الكارثة التي حلت على الشمال السوري الذي تقع بعض مناطقه لسيطرة القوات الحكومية بينما تخضع باقي المناطق لقوى المعارضة السورية فإنها لم تتوان ولا لدقيقة واحدة من أن تمد جسور الإغاثة لكل من سوريا وتركيا على حد سواء جراء الزلازل المدمرة والهزات الأرضية الارتدادية التي لا تزال تتوالى على المناطق المنكوبة لا سيما في تركيا بحدوثها المفاجئ وارتفاع عدد الضحايا من القتلى والجرحى على حد سواء إيمانا منها بأن شعب سوريا ضحية لا جلاد ولا يستحق أن يُترك وحيدا أمام مآسيه الدائمة التي لا يخرج من إحداها إلا وقد طُمر في وحل أشد عمقا في الثانية وأن الزلزال الذي ضعضع أحوال هؤلاء السوريين وزادهم نكبة فوق نكباتهم من التهجير وحالة الشتات وقلة الإمدادات المعيشية وشح الغذاء والدواء لا يمكن أن يقف العالم من جهاته الأربع مشهد المتفرج المتعاطف فقط دون أن يحمل معول المساعدة الحقيقية والفاعلة بيد تفعل لا بلسان يتمتم بعبارات إنشائية لا تحل شيئا من الواقع وعليه فإن قطر التي تعالت عن كل ما يمكن أن يقف عنده الآخرون سواء مع سوريا أو تركيا من خلاف سياسي أو اختلاف في وجهات النظر كانت من أوائل الدول التي لبت نداء الاستغاثة بعد هذا القدر الإلهي الذي فُجع به كثيرون من أهلنا في هذين البلدين التي تتعامل الدوحة معهما كشعوب حلت بها نكبة وأي نكبة وليس عما يمكن أن تتفق أو تختلف مع حكوماتها في أي مجال سياسي كان أو شيء آخر فعمدت على الفور في تجهيز جسر جوي حمل آلافا من الأطنان من المساعدات العينية والمستشفيات المتنقلة والكبائن المجهزة لإيواء الآلاف من النازحين والذين باتوا دون سقف وجدران تحميهم من صقيع هذا الشتاء القارس في تلك المناطق المفتوحة ولم تفكر حتى بما يمكن أن يكون عليه مصير علاقاتها مع سوريا بعد هذه الإغاثة لأن ما يهمها اليوم هو أن يعيش الإنسان السوري وينجو من تحت الأنقاض وكم كان محزنا لنا أن نتلقى خبر وفاة ثلاثة من أفراد الهلال الأحمر القطري الذين قضوا في هزة أرضية ارتدادية فاجأتهم بينما كانوا منهمكين في عمليات الإغاثة والإنقاذ في مناطق متفرقة في تركيا وسوريا بينما فقد موظفون من الهلال الأحمر القطري عوائلهم جراء هذه الزلازل المدمرة التي أودت بحياة الآلاف وبات الوقت ضيقا جدا اليوم في انتشال أحياء من تحت أكوام الحجر الإسمنتية بعد مضي أكثر من ثلاثة أيام منذ وقوع الفاجعة الإنسانية فاللهم لا ترد لنا دعاءً ولا رجاءً وندعوك أن ترحم الموتى وتشفي الجرحى وتنفث الصبر في قلوب المكلومين الذين يعانون وجع الفقد لعزيز كان قبل لحظات حيا بينهم. اللهم فاستجب.