15 سبتمبر 2025
تسجيلنؤمن بأن الله سبحانه يهب الحقّ منطقاً ولساناً.فقد كان لافتاً للعيان دولياً ليس فقط الرد الحاسم الذي أفحم به سعادة الدكتور خالد العطية، وزير الخارجية القطري، يوفال شتاينتس، وزير الاستخبارات الإسرائيلي عند محاولته تمرير دعم دولة قطر لحماس والزج بها بتهمة الإرهاب لكل من الداعم والمدعوم، وذلك يوم أمس الأول من خلال أعمال الجلسة الختامية من مؤتمر ميونيخ للأمن، بعنوان: "هل هذه نهاية الشرق الأوسط؟".بل بدا اكثر وضوحاً ذلك الغضب الديني، العربي، الاسلامي والوطني ايضا على ملامح الوزير القطري فوق حجّة نبرته ولغته وهو يفند ادعاءات الوزير الصهيوني الذي تلقن درسا أخرس رده في محاولته الفاشلة للزّج بموقف دولة قطر الداعم للقضية الفلسطينية العادلة دوليا بتسميتها دعما للإرهاب، وبوصم حماس وتمريرها دوليا على أنها منظمة إرهابية، بل واقتناص مناسبة حضور دولية لتحويل مسار قضية الدفاع الفلسطيني الشرعي عن أرضه ومقدساته المعززة بالقانون والقرارات الدولية وإدخالها في ملف الإرهاب وتهمته.فجاء رد الوزير القطري حاسماً وصريحاً:"إن قطر تدعم المكتب السياسي لحماس وتوفر لها اللجوء بشكل علني وواضح، نافيا أن تكون حماس منظمة إرهابية"ثم أعاد التأكيد بقوله " حماس ليست جماعة إرهابية، فلديها توجهان: اجتماعي وسياسي وهناك توجه أهم هو أنها حركة مقاومة." ثم دعم موقف المقاومة بالحجة:" إذا تخليتم عن احتلالكم وأنهت إسرائيل احتلالها لفلسطين، فإن حماس لن تقاتل، فحماس في الواقع حركة مقاومة تسعى لتحرير وطنها فقط."كان الموقف الارتجالي القطري جسوراً، ووُصف إعلاميا بـ" الموقف الشجاع" حيث" لم يحدث أن تعرض لمثله مسؤول صهيوني بارز منذ فترة طويلة، والذي جعل الحاضرين في مؤتمر ميونيخ من مسؤولين دوليين يتابعون — باهتمام بالغ — المناظرةَ التي لم يقتنعوا فيها بردود يوفال".بل وتابعوا حقيقة انخراس لسانه عندما لم يستطع يائسا الربط بين حماس والإرهاب ودعم قطر، أو إجراء أي ردّ من طرفه في مؤتمر دولي ضخم على الملأ يعززه حضور المؤتمر من قبل أكثر من 20 رئيس دولة وأكثر من 60 وزير خارجية من دول العالم، إذ انه فوق أنه منعدم الحجة لم يكن يتوقع وهو "ابن اسرائيل المدللة" دوليا، أن ينبري له أحد بردٍ، ناهيك عن قوة الرد وحجته، فبهت وسكت.تاريخيا، ليس غريبا أن تحول اسرائيل سهامها لدولة قطر ايضا فالتاريخ يشير إلى أنهم تجرأوا ليس على البشر او الرسل فحسب بل على الله تعالى "ربهم" عندما قالوا في ادعاءاتهم:(وقالت اليهود يد الله مغلولة)، (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء)، (وقالت اليهود عزير ابن الله).حتى جاء رد الله تعالى فيهم في القرآن:"بِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِه ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِنْهُمْ"بالأمس أيضا، ولأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، لم يكن الرد القطري عن قطر فحسب ولا على الشقّ النضالي الشرعي لوطن محتل وارض وشعب مغتصب فحسب، بل جاء الرد المفحم على المستوى الدولي باختصار قضية سبب شيوع الفوضى والدمار في كافة منطقة الشرق الأوسط بالانتهاكات الاسرائيلية، بما يعني أن اسرائيل هي امّ الكبائر.فذكر الوزير القطري أن "الاحتلال الاسرائيلي هو المسؤول عما يحدث من فوضى بتجاوزاته وحصاره وعرقلته كل جهود السلام الدولية دون اي رادع يوقفه."وهذه رسالة ذكية موجهة ليست فقط للوزير الاسرائيلي والجمهور الحيّ الحاضر للجلسة، بل لرعاة السلام الدولي المزعوم — عن بعد — على مستوى "الأمم المتخاذلة" لأنهم يستثنون اسرائيل من آلية وأداة الردع القانونية.كما أكد الوزير أنه: "يجب أن تتوقف اسرائيل عن ممارستها الإرهابية حتى يحلّ السلام في المنطقة عموما." مذكرا رعاة السلام الدولي بأن الانتهاكات التي يجب انتقادها إنما هي "الانتهاكات الممثلة في العدوان الاسرائيلي المتكرر على القطاع، وانتهاك المتطرفين اليهود لحرمة وقداسة المسجد الأقصى المبارك وليس الدفاع الشرعي عن أرض وكرامة يجب أن تكون مصانة وفقا للقرارات الدولية"مشدّدا على أن مطلب إسرائيل بالأمن في يدها: " فيجب أن تتوقف هي أولا عن الممارسات الإرهابية وسيحل السلام المنطقة عموما ويتوقف كل هذا الدمار."أما الربط الدولي الآخر المفحم والذي أثار حفيظة بل قشعريرة اسرائيل وذكرته صحيفة "The Jerusalem Post" الإسرائيلية في تقرير لها عنونته بأنه "مشادة كلامية بين وزير الخارجية القطري ووزير إسرائيلي في ميونيخ للأمن"، هو ربط الوزير القطري بين طلب إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية وبين شعبية "الدولة الإسلامية": حيث نقلت الصحيفة قوله إن "العالم يحارب جماعة تطلق على نفسها اسم الدولة الإسلامية، وأنت تريد أن تأتي لتتحدث وتقول (أنتم) دولة يهودية".باختصار يفهم منه أن: العالم ينعي على "داعش" وانتم باختصار أشرّ "الدواعش"، ينعي الإرهاب "وانتم" منتجوه وممارسوه ومصدّروه، هذا فوق الاغتصاب الغاشم لبناء دولة "يهودية" على أرض وأشلاء ودماء أبنائها الشرعيين الأصليين، انطلاقا من فكرة "هرتزل" الصهيونية ومؤتمر "بازل" إلى وعد "بلفور" الغاشم ومباركة "الأمم المتخاذلة" في إعلان الكيان الصهيوني — وهو المغتصِب — دولة وبمباركة دولية.إن دولة قطر تدعم الحق والدفاع عن الشرعية الدولية، فانبرت في كل مناسبة دولية قولا وفعلا بحكمة قيادتها وحكومتها وما فتئت تنبري في الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه وحق المسلمين جميعا في مقدساتهم.لقد ارتجل الوزير القطري في الحق فترجّلت له الكلمة، فلا فضّ فوه.هذا الترجّل جزء من الجهاد الذي لا يعلمونه ويكرهونه.قطر وحكومتها وشعبها "جهاديون" ضد الإرهاب الإسرائيلي الغاشم،، فطوبى للجهاد بشتّى أنواعه ضد الإرهاب في أقسى صنوفه.