13 أكتوبر 2025
تسجيل• كثيرة هي الطرف والحكايات التي تنسج من على مقاعد مشجعي كرة القدم .. الصيف الماضي كنت حاضرة لاحتفالية أقامتها شركة " دال للألبان " ضمت والي ولاية الخرطوم ورجل الأعمال المعروف أسامة داوود وطلبة ومديري ومديرات مدارس الأساس من ريفي مدينة الخرطوم احتفالا بنجاح حملة تقودها " دال " في إطار المسؤولية المجتمعية تركزت لحل مشاكل سوء التغذية وسط أطفال وتلاميذ المدن والقرى الطرفية ولمحاربة ظاهرة التسرب المدرسي وتدني المستوى التعليمي وتم عرض دراسة علمية عن مضار سوء التغذية وضمور العضلات والتقزم إلخ وما حققته مسارات حملة " حليب المدارس " من إنجازات تمثلت في ارتفاع نسبة التفوق وانتظام زمن التمدرس وتقلص التسرب الذي كان يتم لصالح التحاق التلاميذ بأعمال بدائية لمساعدة أسرهم نتيجة الظروف المعيشية الطاحنة.• ذكرت مقدمة الحفل طرفة سمتها " لا نريد حليب الوالي " قالت مع بدء الحملة قبل سنوات إن مديرة إحدى المدارس وبعد وصول العربات المجهزة والمحملة بالألبان أبلغتها أن مجموعة من تلامذتها لا يرغبون في ألبان الوالي .. وذكرت " عزة " مشرفة المشروع أن الأمر أزعجها خاصة إن كان - لا قدر الله - مس كرامتهم وإنسانيتهم لحرصها على نجاح الحملة لشركة لها اسمها وسمعتها وجودة منتجاتها وقناعتها الشخصية على تطبيق فلسفة المسؤولية الاجتماعية بمنجزات إنسانية كهدف سام وطلبت مقابلتهم بعد الانتهاء من توزيع عبوات الألبان الطازجة على المستهدفين .• وما إن التقت " مجموعة العشرة " كانت المفاجأة أن الصغار المترفعين عن الحصول على عبوات الحليب برروا رفضهم بأنه من " جمال الوالي " رئيس نادي المريخ وهم من مشجعي فريق الهلال المنافس القوي واللدود .. شرحت لهم أن " حليب المدارس " تتبناه شركات رجل الأعمال أسامة داوود برعاية د. عبدالرحمن الخضر " والي " ولاية الخرطوم بحكم منصبه الوظيفي وتبعية المدارس له ولا علاقة لجمال الوالي رئيس نادي المريخ بالحليب .فضحكت القاعة طويلا ..• إنها اللعبة المجنونة كما لها قوانين لها أيضا طقوس والتزامات صارمة تمنح المتعة وتحض الكبرياء وقد يضحي المشجع بالضرورات الحياتية كرفض " تلاميذ " ما زالت عظامهم هشة لعبوة حليب تمنحهم العافية والصحة وتحقق لهم التفوق المدرسي طالما من رئيس النادي المنافس وقبولهم للحليب شرط ألا يأتي من " والي " الفريق المنافس لأن ذلك يمثل لهم أبجديات متعة اللعبة الأكثر شهرة في العالم .. وصدق من قال المستديرة ما ليها أمان ..• هل يأتي اليوم الذي ينسخ الولاء الكروي ليصب في مواعين الولاءات السياسية والاقتصادية الخربة في كثير من دولنا العربية!! همسة: ويبقى كبرياء الإنسان هو الأجمل حتى ولو كانت بطنه خاوية وعظامه هشة