13 سبتمبر 2025
تسجيللكل حضارة ملامح وأبعاد وفنون وألوان، تجتمع معاً لتشكل في مفهومها الشامل المعنى المادي للحضارة، وتعطيها طابعاً يميزها عن بقية الحضارات وثقافات الأمم والشعوب. وعندما تتلاقى الأفكار والرؤى حول التراث الإنساني وتتحول هذه الفكرة أو تلك إلى شكل تطبيقي أو حدث معين؛ يتذوق الجميع هذا الحدث ويشعر بأصالته وصفائه وهذا هو الحال مع فكرة بطولة القلايل. ولمن لا يعلم ماهية بطولة القلايل، فهي بطولة للصيد التقليدي، تقام في واحدة من أروع المناطق المحمية في قطر ـ محمية العريق ـ حيث تذهب الفرق المشاركة إلى هذه المحمية ولا تصطحب معها سوى صقور وسلقان وإبل وخيول واليسير من الطعام والشراب. أما أدوات العصر الحديث سواء بنادق صيد أو حتى هواتف فلا! ولا تستغرب عندما تسمع أن كل فريق يقضي أربعة أيام متواصلة في المحمية فلا يخرج منها، وإنما يختار مكاناً بعينه للبقاء بداخله ليلاً وحتى طلوع الفجر، حيث يشمر كل عضو بالفريق عن ساعديه ويواصل مهامه في القنص حتى غروب الشمس. ولك أن تتخيل ما تحتاجه هذه البطولة التقليدية من صبر وحلم وأناة واعتماد على الذات، وتحمل المشقة والمعاناة والبرودة القاسية. إن كل هذه الصفات كانت تنعكس بجلاء ووضوح على ملامح الأجداد وقسمات وجوههم. ولم لا، فالعرب هم أصل الكلمة وأصل الأخلاق، أخذت عنهم الأمم الصفات الحميدة والقيم النبيلة في ضوء رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم). ومن الطيب أن نرى هذه الصفات وقد امتزجت مع رياضة الصيد التقليدي في بطولة القلايل. إن فكرة القلايل فريدة من نوعها وتأخذنا إلى الماضي عبر القيم والأخلاق والرياضة والتراث، فتخلق حالة من الإثارة والتشويق لدى كل من يذهب إلى محمية العريق ميدان منافسات بطولة القلايل. وإذا كانت فكرة القلايل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتاريخنا وحياة الأجداد باعتبارها صورة حية وصادقة لما كانت عليه الحياة في الماضي، وملمحاً من ملامح حضارتنا، فإن القلايل إضافة جديدة ومتميزة لليوم الرياضي للدولة، الذي أحدث نقلة نوعية في تفكير المواطنين والمقيمين ووضع الرياضة على جدول حياتهم واهتماماتهم اليومية.