11 سبتمبر 2025
تسجيلالإنسان كائن يعتريه ما يعتري كل مخلوق، والمخلوقات جُبلت على النقص فهي تحتاج لبعضها البعض لاستمرار وجودها، وكذلك الإنسان يحتاج للآخرين لكي تتضافر جهودهم وتتضح رؤيتهم وتنكشف الأمور لاختيار ما يصلح لهم في مسيرة حياتهم، فكما قال ابن خلدون: إن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، بمعنى أنه لا يستطيع العيش وحده ولا ينفك محتاجاً لمشورة ودعم الآخرين له، فالعقول لا تتساوى والقدرات مختلفة والمشارب متنوعة، فالبعض رُزق قدرة جسدية والآخر قدرات عقلية وآخر له من البيان السحر المبين وحلاوة الحديث وهكذا هم البشر، فالكل يحتاج للكل ومن قصور عقل الإنسان أن يظن أنه يستطيع العيش منفرداً لا حاجة له بالآخرين، ومن المساوئ في أحاديث الناس قول بعضهم لهذا الدعاء: (اللهم لا تحوجني لأحد من خلقك)، لا أعلم هذا الدعاء الداعي للاستقلالية والاستعانية بالبشر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعين بأصحابه ويشكرهم على مساعدتهم، فالعاقل يعلم أنه لا غنى له عن الآخرين وخصوصاً في المشورة والنصح والإرشاد. ولكن فليكن كل منا على حذر وتنبه فليس كل نصيحة تكون في محلها وليس كل اقتراح يكون مصيباً، وأحياناً يقدم الآخرون النصائح وظاهرها النقد البناء والتوجيه وباطنها الحسد والسعي إلى إبطال العزم والهمة، فيأتي البعض ويسرف في النقد تلو النقد ويكون نقده لاذعاً وكأنما يسعى إلى تشتيت الجهود. فالواجب علينا معرفة الآتي عند طلب أي مشورة، الأول: معرفة موضوع الاستشارة ومدى بعدها ومدى أهميتها وما تحتاج من موارد معنوية وبشرية إلى تحقيقها. والثاني: معرفة الوقت المناسب لطلب الاستشارة، فبعض الأمور نحتاج إلى كتمان جزئي لها حتى تتم ولا نعني كتمانها بالكلية. أما الثالث: فهو معرفة من نستشير، فالمستشار مؤتمن وهو عامل مهم يؤثر في مسار أي عمل نقوم به في حياتنا (أعني وجود مستشار مؤتمن) الذي من صفاته: أن يكون متخصصاً في مجال مشورته ولا يكون هاوياً أو مدعياً لذلك العلم أو الفن الذي يستشار فيه، ومنها أن يكون أميناً حافظاً للأسرار المهنية والأسرار الخاصة بالمشورة، ومنها أيضاً أن يكون حريصاً على الفائدة ويقدس مهمة صناعة النجاح للآخرين، وألا يكون قريباً منك فتدخل العواطف في المشورة وألا يكون بعيداً عن واقعك الذي يحتاج لفهمه حتى يقدم مشورة صالحة لك.