10 سبتمبر 2025
تسجيليجب أن نعترف بأن (الواسطة) موجودة بيننا كما في كل دولة في العالم، صغيرة كانت أو كبيرة، عربية أو غربية، آسيوية أو أفريقية، ولو أقيمت دول وحكومات في القطب الجنوبي ومثله الشمالي لانبثقت (الواسطة) وتسيدت، فهذا في نظري بات فطرة مولودة أن يقرب كل ذي شأن من حوله ومن يعرفه، لذا لا أجد أن يتم انتقاد الواسطة في كل مرة بمقالات أو تغريدات أو حتى رسوم كاريكاتيرية رغم أنني مع الذين ينتقدون هذه السياسة التي يمكن أن تغطي على حق الأجدر بالعمل والمنصب والمكانة والراتب ومن سهروا وواصلوا الدراسة وتخرجوا وتحصلوا على شهادات بمراتب عليا ودرجات عالية ولكن - وهو حرف استدراك ينصب ما بعده – الواسطة لا يمكن أن يقضي عليها كل هذا، فأنا بالأمس قد رأيت رسماً لرسام صحيفة الشرق الموهوب (محمد عبداللطيف) وهو يمثل الواسطة في كاريكاتير معبر حقيقة وربما يكون أشد بلاغة من الكلمات التي أكتبها لكم اليوم على شكل مقال قد تكرر مثله طويلا وسابقا كما فعل رسامون آخرون أيضا فهل الواسطة مرض مجتمعي أم ضرورة مجتمعية؟. ويمكن لبعضكم أن يقول هي بالفعل مرض مجتمعي يسلب من الجديرين بالعمل والمكانة حقهم المشروع في تبوؤ مناصبهم التي تليق بفكرهم وشهاداتهم، ويمكن أن تكون جزاء جدهم واجتهادهم لسنوات، بينما قد ينقض آخرون الرأي الأول ويقولون إنها باتت ضرورة مجتمعية شئنا ذلك أم أبينا، لأنها ليست مرتبطة باسم دولة أو اثنتين أو حتى عشر دول، وإنما كل دولة باتت الواسطة فها بأي شكل من الأشكال ولا أريد لمن يقرأ سطوري الآن أن يعتقد بأنني أشجع على الواسطة أو أنني من المؤيدين لها لشيوعها وعموميتها، ولكني أريد ممن يتتبع حروفي الآن أن يعرف المقصد مما أكتبه، وهو أنني أتحدث بواقعية لا يمكن أن نَظلم فيها أو نُظلم، فأحياناً قد يسعى خريج أو عاطل أو أي شخص يود أن يرتقي في وظيفته لمنصب أعلى أو وظيفة تكون مناسبة له أكثر وانتظر التسلسل الوظيفي أو تبوأ درجات الوظيفة لسنوات وهو يرى عمره يمر دون أي جديد في وضعه ليقتنص فرصة مشروعة للأذكياء ليحقق ما يرى أنه حق من حقوقه، فيتحدث مع صاحب القرار في تغيير بوصلة العمل لهذا الشخص الذي قد يكون لم ينتبه لمقدراته سابقا ويحسن لاحقا من وضعه الوظيفي فهل هنا تعد الواسطة مكروهة؟. في نظري لا ولكن الخطأ يقع على المديرين ومن بيدهم أن يبحثوا عن الموظف الكفء لكل وظيفة وكل عمل ويعينوه وليس من يبحث عن أعلى مكانة ومركز مرموق ليأتي بأحد من معارفه أو أقربائه أو أصدقائه ليشغل هذا المنصب دون أحقية أو جدارة به، فهنا تصبح الواسطة مكروهة تماماً وهذا ما أريد للمتتبع هنا أن يدركه من وراء سطوري هذه كما أرجو منكم ولها. الحمدلله أننا في بلد يحارب الفساد وهو أمر لا تحظى به دول كثيرة لا توجد ضرورة لتسميتها، ولدينا حدث سنوي يقام لجائزة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية في مكافحة الفساد ينظمه مركز حكم القانون ومكافحة الفساد في قطر بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة. والواسطة إن تعدت حدودها غير المرئية لتصبح مرئية وواضحة بكل صفاقة، فإنها تصبح سياسة عمل فاسدة بلا شك يُرسم عليها مائة علامة استفهام تبحث كل واحدة منها على إجابة وانتفاضة في سياسة التعيين والمنصب، لذا نحن هنا لا ننكر وجود الواسطة، لكننا بلا شك ننكر فسادها بيننا، والحمدلله أن جميع مناصبنا القيادية اليوم أثبتت جدارتها لما أُوكل لها من مهام ومسؤوليات ساهمت في بناء مجتمع شكل دولة لها قواعدها الثابتة وأساسياتها المتينة التي يمكن أن تتأثر بالعوامل الخارجية لكن لا يمكن بحول الله أن تسقط.