14 سبتمبر 2025
تسجيللا نشك أبداً أن خطر إيران مستفحل في المنطقة ! ، فهي متغلغلة في اليمن وتعيش في عمق سوريا وتسيطر نوعاً ما في لبنان وتربك الحسابات في البحرين وتهدد استقرار الداخل السعودي وتحتل جزراً إماراتية وترتبط مع أبوظبي بعلاقات تجارية واسعة جداً ولكن – ويقف دائماً حرف الاستدراك هذا عقبة من الاسترسال في حديثي المسهب – هل تعد إيران أشد خطراً من إسرائيل مثلاً ؟! ، فكلنا ومنذ صغرنا كنا نعتبر إسرائيل الكيان الغريب الدخيل والمحتل لأرضنا العربية في فلسطين ، وكبرنا ونحن متيقنون بما لا شك فيه بأن لا خطر أشد من خطر هذا الكيان الصهيوني البغيض الذي بدأ يمد جذوره في فلسطين منذ ما يقارب مائة عام ، وأن المتطبع مع هذا الكيان هو خائن بالضرورة ولا يوجد مجال لتجميل أو ترقيع تلك الصورة بأي شكل من الأشكال ! ، هكذا كان الاعتقاد في الصغر حتى تبدلت الأماكن وتراقصت لعبة الكراسي الموسيقية بنا وبأفكارنا وبدأت الأمور تتجه إلى أن إسرائيل يمكن أن تكون ( جارة ودودة ) وأنها بذلك يمكن أن تكون أيضاً ( دولة صديقة ) لتتحول بعد مغازلة خليجية صريحة وتطبيع شبه كامل من بعض الدول العربية إلى ( حليف قوي ) ومع بعض ( رشة جريئة ) أميركية تحولت إسرائيل إلى ( الدولة الجارة والحليفة المؤتمنة ) التي يمكن الاعتماد عليها في وقف الخطر الإيراني الذي يتغلغل في عمق منطقتنا الخليجية والعربية ، وتصدرت كبرى دول الخليج وبالطبع أنا هنا أعني السعودية المشهد في جر أنظار المراقبين إلى هذه الزاوية الحمراء وتخفيف الضغط على إسرائيل التي ( كنا ) نراها العدو الأشد خطرا وخبثاً وعداوة للعرب والمسلمين وكل هذا بفضل ( الأداة السعودية الجبارة ) في تحقيق الرؤية الأميركية نحو هذا الاتجاه وبدأت المغازلة السرية بين الجانبين حتى أفصح الجانب الإسرائيلي بما يتعرض له من مغازلات صريحة وواضحة من الجانب السعودي حتى وصل الحال بالقنوات الرسمية الإسرائيلية للإفصاح عن زيارات سرية لشخصيات سعودية أبرزها ولي العهد السعودي إلى إسرائيل وكلنا نتذكر هذه الفضيحة التي علق عليها رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو أن علاقات ( بلاده ) ببعض الدول الخليجية باتت على شفا الإفصاح والانفضاح لكن تل أبيب حريصة على إبقاء هذه العلاقات الثنائية وزيارات الشخصيات الخليجية البارزة لها قيد السرية بناء على رغبه هذه الدول التي لا تزال في حاجة لتأهيل شعوبها ومجتمعاتها للتطبيع معها رغم اقتناع هذه الحكومات بأن العلاقات مع إسرائيل باتت ضرورة إقليمية وأمنية لا سيما بعد أن استعانت عاصمتا أبوظبي والرياض بخدمات إسرائيلية في مجال الأمن السيبراني لتتبع المعارضين في شتى أنحاء العالم والتنصت على أجهزتهم وتعقب حركاتهم وسفرهم وهذا ما تبين بصورة مؤكدة في حادثة مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي رحمه الله وما كشفه المعارض السعودي المقيم في كندا عمر عبدالعزيز بأن شركة إسرائيلية مدت الحكومة السعودية ببرامج تعقب ومراقبة لمحادثاته في برنامج ( الواتساب ) التي بلغت 400 محادثة كان معظمها يدور بينه وبين المغدور به الشهيد خاشقجي ، ولذا بدأ الترويج لخطر إيران يعلو كعبه على الاعتقاد الذي كان سائداً بخطورة إسرائيل أولاً على منطقتنا خصوصاً مع ( عاصفة الهدم ) التي شنها تحالف السعودية وأبوظبي على اليمن ورمي كل تبعات فشل التحالف من تحقيق أي تقدم في عملياته العسكرية والتي توقع في كل مرة قتلى وجرحى من المدنيين اليمنيين الأبرياء على المد الإيراني الذي لا يتوقف لدعم الحوثيين الذي وصفهم ( المتلعثم ) عادل الجبير بأنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للمجتمع اليمني خصوصاً مع الانتصارات الحوثية على الحد الجنوبي للمملكة ووصول صواريخهم الباليستية إلى عمق العاصمة الرياض وباقي المدن السعودية التي يحاول السعوديون منها توسل التعاطف وتغطية هزيمتهم في اليمن إلى الإعلان المتكرر بأن الحوثيين يستهدفون في كل مرة ( الحرمين الشريفين ) وأن ( أبرهة الحوثي ) يكون على رأس كل صاروخ يأتي منهم باتجاه الكعبة المشرفة أو المسجد النبوي حتى وصل هذا الاعتقاد المضلل إلى عقول شعب المملكة ولذا لم يكن من الغريب أن ترى آلافاً من رؤوس الإعلام السعودي والنشطاء والمطبلين والراقصين يصورون الأمر على أن التقارب مع إسرائيل ( التي لم تضر السعودية بشيء ) هو الأجدى والأكثر نفعاً من معاداتها كما أن محاربة إيران ( التي تهاجم وتضمر الشر للمملكة ) هو الذي يجب أن يكون في أولوية الاهتمامات للحكومة السعودية والتي تحتاج لدعم شعبي سعودي نجح الإعلام الهابط فيها لتنفيذ هذه الأجندة بدقة ونجاح رغم أننا في واقع الأمر لا نخفي التمدد الإيراني في المنطقة لكننا لا يمكن أن نساويه بالخطر الصهيوني المدعوم أمريكياً ضمن جدول مخطط له للتحكم بمنطقتنا العربية وتصهين سياسات بعض الدول التي تسير بانتظام نحو هذا المنحى وعليه خرج لنا متصهينون خليجيون وعرب يروجون للأخوة مع إسرائيل ونحن نشهد لهم أنهم نجحوا ! . ◄ فاصلة أخيرة : شعبياً : إسرائيل عدو أول ونقطة على السطر ! [email protected]