27 أكتوبر 2025
تسجيلقال سبحانه وتعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ".. أبدأ مقالي هذا اليوم بهذه الاية الكريمة من منطلق ما تعلمناه من ديننا الحنيف في آداب الطعام، فالله تعالى أمرنا بالاعتدال، ونهانا وحذرنا من التبذير والإسراف، نعيد لذاكرة الاجيال كيف أن آباءنا مرت عليهم في الماضي سنوات عجاف لا يستطيعون فيها توفير قوت يومهم، وها نحن اليوم بفضل الله في أحسن حال تأتينا خيرات الأرض من كل مكان في زمن تشير فيه تقارير الأمم المتحدة حول الجوع في العالم إلى وجود مليار إنسان يعانون من الجوع، كما تشير الى إهدار كمية من الطعام تقدر بـ 1.3 مليار طن سنويا.إن ظاهرة رمي الأطعمة خاصة في مناسبات الأفراح والأتراح من بقايا الولائم تحتاج الى وقفة، فما تقوم به الجهات الخيرية من إيصال النعمة لمستحقيها من الفقراء والجوعى توجه محمود إلا ان هذه الجهات رغم انها تكفلت مشكورة بهذا الدور للاستفادة من بقايا الطعام التي يجتهد البعض في طرحها كحل للإعفاء من ذنب رمي النعمة، إلا أن هذا الجهد تنقصه الرقابة الصحية التي تخلو فيها معايير نظامية تضمن سلامة تلك الأطعمة وصلاحيتها للاستهلاك.نرى من موقعنا هذا أن تقوم جهات موازية بنشر وتعزيز ثقافة حفظ النعمة وعدم إهدار الطعام، والتشديد على مراقبة تلك الاطعمة وعدم تعرضها لاي فساد، وذلك من خلال التوعية والمراقبة وترشيد عمليات الاستهلاك، فظاهرة تكدس الاغذية في القمامة مازالت تطل على المجتمع بشكل مخيف، وتظهر جليا إما فى الأعراس أو فى المطاعم أو فى الاستهلاك الغذائى على موائد الأسر فى البيوت خاصة في شهر رمضان.إن إشكالية هدر الطعام ما زالت موجودة لدى الكثيرين رغم توعية الجمعيات الخيرية، وعمل مشاريع حفظ الطعام وجهود الدولة المبذولة فى بعض حملات التوعية، إلا اننا نرى انها ما زالت غير كافية وتحتاج إلى تكثيف، فالمجتمع فى حاجة ملحة إلى تغيير ثقافته الى الطعام وتنمية فكرة الترشيد أو الاستهلاك بحكمة وعقلانية بعيدا عن التبذير.لذا نؤكد أن المجتمع بحاجة فعلا إلى نشر ثقافة الاعتدال فى الأكل وعدم الهدر فيه وترشيد استهلاك الغذاء، فدعونا نبدأ حقيقة بالنشء الذي يجب ان تغرس فيه هذه الثقافة بدءا من المدارس في محاولة إدخالها ضمن المناهج والحصص والأنشطة الاجتماعية والطلابية، ودعوة وسائل الاعلام بكل منظوماته المقروءة والمسموعة والمرئية للقيام بدور التوعية والإرشاد والتنبيه إلى أضرار الهدر فى الطعام ورميه فى النفايات، وكذلك أولياء الامور الذين لهم دور مهم وحساس فى هذه القضية وهذا يتطلب توجيه النصح والإرشاد للآباء والأمهات.إذا تكاتف المجتمع في هذا الشأن فحتما سنقضي على ظاهرة التبذير ورمي الأطعمة، وهذا التكاتف لن يتم إلا عن طريق حملة وطنية تشمل كافة وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة، وتكثيف المحاضرات اللازمة لكشف أهم أضرار هذه الظاهرة صحيا، ومدى مخالفتها للشرع عن طريق عدد من رجال الدين، فضلا عن مختصين وأطباء وخبراء فى التغذية.كان أفاضل هذه الأمة الذين أقاموا الإسلام، ونصروا الدين، وهاجروا في سبيل الله تعالى وأخرجوا من ديارهم، يسألون عن تمر يسدون به جوعهم، فعن ماذا سنسأل وقد أغرقتنا النعم من رؤوسنا إلى أخمص أقدامنا.نسأل الله تعالى أن يرحمنا برحمته، وأن يعاملنا بعفوه ولطفه، وأن يرزقنا شكر نعمته وحسن عبادته. اللهم آمين. وسلامتكم.