11 أكتوبر 2025
تسجيلالزواج من أهم النظم الاجتماعية باعتبار أنه نظام اجتماعي يترتب عليه كثير من النظم الاجتماعية الأخرى مثل النظام العائلي والقرابي، كما تعد الرابطة الأسرية (الزواج) هي الأساس الأول الذي تتكون بموجبه الأسرة إلى جانب ما يترتب عليه من آثار اجتماعية مختلفة تتمثل في إنجاب الأطفال وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية على أسس سليمة، والزواج هو الوسيلة المثلى لبناء مجتمع قوي مستقر. وقد بدأت ظاهرة تأخر سن الزواج في التنامي مع بدايات القرن الحادي والعشرين مما سبب مشكلة تعاني منها المجتمعات العربية والمجتمع المصري بوجه خاص، فكشفت دراسة رسمية أعدها الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء أن هناك نسبة متزايدة لغير المتزوجين بين الشباب المصري تصل إلى 37% فتشير الدراسة إلى وجود 9 ملايين عانس وأعزب فوق سن الخامسة والثلاثين من بينهم 3 ملايين و773 ألفا و631 فتاة عانس لم تتزوج برغم بلوغهن سن الزواج ومعهم 6 ملايين و246 ألفا و237 رجلا أعزب. وكشفت دراسة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر عام 2009 عن توزيع السكان طبقاً للحالة الزواجية والنوع بمحافظات الجمهورية (18 سنة فأكثر للذكور، 16 سنة فأكثر للإناث) أن عدد الذكور غير المتزوجين (767.144) وبلغ عدد الإناث (5722114) بجملة 13392258. قد تسببت ظاهرة العنوسة في العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية، فقد أشارت دراسة لبعض التربويين إلى أن شعور الفتاة العانس بفقدان الطرف الآخر يؤدي إلى تشوه صورة الرجل لديها والإحساس بصورته السالبة ووجود عدوان موجه إلى السلطة الذكرية باعتبارها أحد أشكال التناقض والأزمات التي تمر بها الفتاة العانس. وقد أكدت دراسة أخرى عام 1992م أن الاغتراب الذاتي والقلق العصابي له علاقة بتأخر سن الزواج لدى الإناث وأن أهم أسباب تأخر سن الزواج لدى الإناث العاملات هو الخوف من تحمل المسؤولية ونقص المعلومات أو الخبرات الجنسية بالمقارنة بغيرها. إن التحلل الخلقي للفتاة تأثر بالتكنولوجيا المتطورة والتيارات الثقافية التي غزت الوطن العربي أثرت بشكل كبير على شبابنا "خاصة الفتيات". ففي مصر اعترف تنظيم عبدة الشيطان بأنهم استعانوا بشبكة الإنترنت في طقوسهم واتصالاتهم. والزواج سنة من سنن الله في الأرض.. لذا خلق الله الكائنات كلها من زوجية ذكر وأنثى وعلى رأس هذه المخلوقات الإنسان فخلق الله آدم أولاً ثم أخرج منه زوجه حواء ثم بعد ذلك جعل الله منهما رجالاً كثيراً ونساء والغرض من الزواج ليس إشباع الحاجة الجنسية فقط ولكن الله شرع الزواج لتحقيق مآرب أخرى مثل الحفاظ على الجنس البشري والمحافظة على الأنساب والأعراق والاستقرار النفسي والأمن والطمأنينة بين الزوجين وتكوين الأسرة على أسس سليمة وقوية لتنشئة الأبناء تنشئة سليمة. فالزواج يقي المجتمع من التحلل الخلقي ويؤمن الفرد من الانهيار الاجتماعي فإن غريزة الميل إلى الجنس الآخر حين تشبع بالزواج المشروع والاتصال الحلال تحمي الأمة والمجتمع من الكثير من الأمراض وتجعله يتحلي بأفضل الآداب وأجل القيم وتصبح جديرة بأداء الرسالة وحمل المسؤولية على الوجه الذي يريده الله منها. وتتعدد الأسباب الكامنة وراء تأخر سن الزواج وتختلف من بلد إلى آخر؛ فمنها ما هو عائد إلى أسباب اقتصادية كأزمة السكن والبطالة، ومنها ما هو مرتبط بالعادات والتقاليد، حيث المغالاة في المهور، وانغلاق الطبقات في مسألة الزواج على نفسها.. ومنها ما هو عائد إلى عدم الرغبة في الزواج بسبب انتشار الفساد الأخلاقي والتحلل السلوكي الذي تبثه الفضائيات، وما يترتب عليه من قضاء الوطر في الحرام دون حاجه لتحمل أعباء الزواج مادياً ونفسياً واجتماعياً! وكلها أسباب تصب الزيت في النهاية على نار الأزمة المشتعلة. على أن دراسات عدة توصلت إلى أن أهم الأسباب الحقيقية وراء تفشى ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربية تعود إلى غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج وكذلك أزمة السكن وارتفاع أسعاره وانتشار البطالة وارتفاع الأسعار. والمؤكد أن كثيرا من الفتيات يعانين من مشكلة العنوسة بدرجات متفاوتة، وأصبحت قضية تأخر سن الزواج من القضايا التي تأخذ حيزا من تفكير معظم الفئات سواء من أولياء الأمور أو من الشباب والفتيات وذلك نتيجة الارتفاع المتزايد في حده هذه الظاهرة. وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالزواج باعتباره الدعامة الأساسية التي يقوم عليها بناء الأسرة، ولم تتركه للناس يقيمون قواعده وأصوله ويضعون نظمه وأحكامه، واعتبر الإسلام الزواج واجباً اجتماعياً من وجهة نظر المجتمع وراحة بال وسكناً من وجهة نظر الفرد وسبل مودة ورحمة بين الرجال والنساء. والمؤكد أن الشريعة الإسلامية حاربت الرهبانية لكونها تتصادم مع فطرة الإنسان وتتعارض مع ميوله وغرائزه، فلقد شرع الله الزواج لتنظيم حياة البشر وحفظ الجنس البشري والمحافظة على الأنساب والأعراض، وكذلك لإشعار كل من الرجل والمرأة بالمودة والاستقرار والطمأنينة. فعن سهيل بن سعد أن النبي (قال لرجل "تزوج ولو بخاتم من حديد" وفي لفظ آخر "التمس ولو خاتماً من حديد" (رواه البخاري) تتجلى في هذا الحديث قيمة كبرى من قيم الإسلام هي" التيسير" ورفع الحرج عن الأمة فالأمر النبوي الكريم بالتماس أقل المهر –ولو كان خاتمًا من حديد- هو مثال على حرس الإسلام على تيسير الأمور. وهذا الحديث يسمى أحيانا حديث (الواهبة نفسها) وقصتها أن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم ليتزوجها فلما ظهر لصاحبته رضوان الله عليهم أنه عليه السلام غير راغب في الزواج، تقدم له أحدهم ولم يكن يملك مهرًا. فسأله النبي صلى الله عليه وسلم (هل معك من القرآن من شيء) فقال: معي سورة كذا وسورة كذا. قال اذهب فقد أنكحتكها بما معك (أي بما تحفظ) من القرآن. وفي سند عن أبي داود عن أبي هريرة (تفسير ذلك بعشرين آية وعند غيره بسورة البقرة. وروي أبو نعيم في "حلية الأولياء" قال "خطب أبو طلحة لأم سليم قبل أن يسلم فقالت: أما إني فيك لراغبة وما مثلك يرد. ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة لا يحل لي أن أتزوجك فقال: ما دهاك يا رميصاء؟ قالت: وماذا دهاني؟ قال: أين أنت من الصفراء والبيضاء (يريد أنه غنى عنده ذهب وفضة) قالت: لا أريد صفراء ولا بيضاء فأنت امرؤ تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً أما تستحي وأنت تعبد خشبة من الأرض؟ أن أنت أسلمت فذلك مهري ولا أريد من الصداق غيره، قال ومن لي بالإسلام يا رميصاء؟ قالت: لك بذلك رسول الله (فاذهب إليه، فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان جالساً مع أصحابه فلما رآه مقبلاً قال لصحابته (جاءكم أبو طلحة وغرة الإسلام بين عينيه) ثم جلس أبو طلحة وأسلم بين يدي رسول الله صلى الله عليه سلم، وأخبره بخبر الرميصاء فزوجه إياها على ما شرطت عليه من مجرد الإسلام. كل ما سبق صريح الدلالة على جواز التزويج بحفظ القرآن أو بعضه، أو أيسر المهر ممثلاً في خاتم ولو من حديد.