14 سبتمبر 2025
تسجيليبدو أن الجهود المبذولة للخروج من المأزق الذي تعيشه أمتنا العربية وعلى وجه التحديد في بلاد الشام واليمن قد فشلت، وأن المحاولات الراهنة في مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية لإنقاذ الشعبين اليمني والسوري ما هي إلا محاولة للهروب من معالجة الأزمتين، متذرعين بالقول الشعبي: "اللي علينا أديناه" وعلى كل من الحاكمين في دمشق وصنعاء أن "يشوفو شغلهم". عام كامل مر على ثورة / أو صحوة الشعبين العربيين ضد الفساد والظلم والاستبداد وهدر المال العام وهم يتعرضون للقتل الجماعي وهدر كرامة الإنسان بفعل الفواحش ما ظهر منها وما بطن بالمعتقلين ذكرانا وإناثا وحرق مزارع وهدم بيوت. نظامان مصران على الاستمرار في الحكم تحت شعار "نحكمكم أو نقتلكم" ومن يعش منكم نعبث بكبريائه وكرامته ذكرا كان أم أنثى تحت ذريعة المحافظة على الاستقرار والوحدة الوطنية ووحدة البلاد والتصدي للإرهاب ومنع السلفيين والإخوان المسلمين من الوصول إلى الحكم. عجيب أمر هؤلاء الحكام، هل يعتبرون ما يقومون به من قتل وترويع وهدر كرامة الإنسان وكبريائه مرجلة يشار إليها بالبنان؟ أم أنه الخوف مما قد يلحق بهم عند أفول نجمهم على ما فعلوا بهذين الشعبين؟ (2) في اليمن نلاحظ أن علي عبد الله صالح المنتهية ولايته بحكم اتفاقية مجلس التعاون الخليجي التي منحته الحصانة من الملاحقة القضائية والقانونية في كل الجرائم التي ارتكبها أو ارتكبها من عمل معه عندما يتركون السلطة، يصر على أن يبقى يحكم اليمن ولو من قبره عن طريق آل بيته وبعض أصحاب المصالح الذين يخشون أن تنتهي مصالحهم بعد زوال حكم علي عبد الله صالح. بالأمس وافق مجلس الوزراء الذي يهيمن عليه حزبه الحاكم بمنح علي ومن عمل معه خلال فترة حكمة حصانة من الملاحقة القانونية والقضائية، واعتبر المجلس أن هذه المادة من أعمال السيادة ولا يجوز إلغاؤها أو الطعن فيها. إنه في كل يوم يقوم بمخالفات جوهرية لاتفاقه مع مجلس التعاون مثل، اجتماعه بالوزراء من حزبه، وترؤس اللجنة المركزية للحزب الحاكم وإصدار أوامر وتعليمات لأعضاء الحزب في الوزارة والبرلمان تخص تسيير أعمال الدولة وكذلك اجتماعه بقيادات أمنية (كلهم من عائلته) وإصدار توجيهات أمنية خاصة ما يتعلق بسحب قوات الحرص الجمهوري من الشوارع وأماكن تمركز تلك القوات الأمر الذي أدى بالرئيس بالإنابة عبدربه منصور بالتهديد بترك العاصمة والانسحاب نحو الجنوب إذا استمرت التدخلات من قبل صالح وأعوانه في شؤون البلاد. إن الحل في هذه الحالة ولا غيره هو أن ترفع دول مجلس التعاون الخليجي ــــ خاصة الدول الفاعلة في المجلس التي مابرحت تحمي عبد الله من شعبه ــــ يدها وتعلن أن الرئيس المنتهية ولايته أخل بكل الاتفاقات وعلى ذلك تصدر قرارا دوليا بحجز أمواله وأفراد أسرته ومعاونيه وممتلكاتهم في الداخل والخارج، وتحديد إقامتهم وتسليط أدوات التشويش على اتصالاتهم السلكية واللاسلكية وجعلهم في عزلة عن أعوانهم والعالم كي لا يعبث بالدولة والشعب اليمني، وترفع عنه الحصانات التي منحتها له تلك الدول وليس الشعب اليمني. إننا نعول على إخواننا وأهلنا شرفاء حزب المؤتمر الشعبي العام أن يخلصوا عملهم لوطنهم وأمتهم لا لفرد أو عائلة متسلطة وأن يعلموا بأن التاريخ لن يرحم وتذكروا السير الخالدة لرجالات اليمن وذريتهم، أذكر منهم وهم كثر الزبيري والحمدي والنعمان وغيرهم من الشرفاء. (3) وماذا عن سورية الحبيبة؟ قتل ودمار وملاحقات جماعية، الشعب يريد الحرية والأمن والأمان، يريد المشاركة في صنع مستقبله، والنظام يصرخ بأن عليه مؤامرة عربية ودولية وعليه أن يقمع بعنف كل من يطالب بحقه في الحرية ومشاركته في صناعة مستقبل القطر العربي السوري الشقيق. لا شك بأن حزب البعث حزب وطني قومي عربي لكن لم يعد الحزب ذلك الذي أسسه الرواد، أصبح في معظمه مجموعة من أصحاب المصالح الذاتية وليس الوطنية، أصبح يميل إلى الطائفية منه إلى الأمة الواحدة، صحيح أن سورية الحبيبة دولة الممانعة والمقاومة كما كنا نعرف، وأن الرئيس بشار خاطب بعض الحكام "بأنصاف الرجال" لأنهم لم يقفوا مع منهج الممانعة والمقاومة في حينه. اليوم نسأل إخواننا في القيادة السورية هل تغير مفهوم "الممانعة والمقاومة"؟ هل الممانعة تعني التصدي لمطالب الشعب ومنع التغيير والإصلاح؟ وهل تعني المقاومة التصدي بكل أنواع السلاح والمرتزقة مقاومة رغبات الشعب في الحرية والكرامة واختيار قياداتهم السياسية التي يعتقدون أنها تحقق لهم مطالبهم؟ الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي أصوات مرتفعة وكلمات منمقة وصياغات للبيانات حمالة أوجه ومبادرات منقوصة، ومجموع الأمة العربية من الخليج إلى المحيط رهائن وأسرى لدى النظم السياسية، فمن يفك أسرنا ويطلق رهائننا؟ آخر الدعاء: ربنا لا تول علينا من لا يخافك ولا يرحمنا.