26 أكتوبر 2025

تسجيل

دفـاع لا غلو فيه ولا مغـالاة !

09 ديسمبر 2020

لن أدعو في مقالي هذا أن تقاطعوا المنتجات الفرنسية فهذا وإن بدا سلاحا بادرت به بعض الشعوب العربية والإسلامية تتأثر فرنسا منه اليوم بعد أن انخفضت معدلات مدخولها منذ أن سمحت فرنسا بحرية نشر الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- على واجهات مؤسسات باريس الحكومية، رغم أن القول بأن مؤسسات ومنظمات مستقلة هي من نشرت وفعلت ولا تملك الحكومة يدا عليا عليها، ثم تبجحت باريس بالحرية التي تجعلها تمتنع عن منع هذه الرسوم من أن تتصدر الإعلام الفرنسي. إلا أنه في نظري يبدو سلاحا وقتياً موقوتاً، إذ سرعان ما ستعود حليمة العربية إلى عادتها القديمة، وسننسى كما نسينا تجارب مشابهة في هذا الشأن، كانت الدنمارك وهولندا وبلجيكا إحدى أهم الدول الغربية التي أقدمت على هذه الرسومات ونشرتها وسخرت من شخص رسولنا الكريم، لكن الأمر آنذاك مر مرور الكرام وإن استعر الغضب في عدد من الدول الإسلامية غير الناطقة بالعربية لكن الأمر لا يقارن بالغضب الذي تفجر هذه المرة من باريس ورئيسها الذي يقول ما لا يفعله لا سيما بعد حوادث استهدفت الشريحة المسلمة في بلاده والسياسة الأمنية الصارمة التي تلقاها مراكز ومنظمات ومساجد إسلامية ليس في العاصمة فحسب وإنما في مختلف مدن فرنسا بإيعاز من ماكرون نفسه، الذي خرج على شاشة الجزيرة وهذه هي المرة الأولى التي يختار رئيس دولة أوروبية يقال إنها من الدول ( العظمى ) قناة تلفزيونية عربية ليطل من خلالها على الجمهور العربي والإسلامي ليقول ببراءة نحن لا نكره الإسلام الذي له الفضل الأكبر في نهضة تاريخ فرنسا، ولكنها الحرية ( العوجاء ) التي تؤمن بها باريس مما جعلها هدفا واضحا للنقمة العربية بعد نشر هذه الرسوم، ليخرج بعد وزير خارجيته مناشدا شعوب الأمتين العربية والإسلامية بأن تتوقف شعوبهما عن مقاطعة المنتجات الفرنسية في أول إقرار بما يتعرض له جانب رئيسي من الاقتصاد الفرنسي الذي تذهب ملايين الأنواع من بضائعه إلى البقعة العربية الممتدة من الخليج إلى المحيط. ولكني أدعو في مقالي هذا لأن نعلم أجيالنا من هو الرسول عليه الصلاة والسلام خشية أن يُغرس في عقولها الندية ما يريد الغرب إيهامها به حوله عليه أفضل الصلاة والسلام وهذا أمر وارد ومؤكد ولعل هذا هو السلاح القوي الذي يجب أن تمتلكه الدول العربية اليوم لصد هجمات فرنسا وغيرها على رسول هذه الأمة وشفيعها. فالمقاطعة قد تطول وقد تقصر لكنها حتما ستنتهي يوما وستعود الأمور لربما إلى أفضل مما كانت ولكن ما يجب أن نكسبه هو جيل يتعرف معرفة وثيقة على الرسول الكريم، لأننا في زمن بات الجهل برموز هذا الدين متصدرا بينما المعرفة بها تختفي على استحياء وهذا هو دور العقلاء في أن يبرروا دفاعهم لصغارهم وليس الدفاع الأعمى الذي يرونه دون أن يتيقنوا لأسبابه أو دوافعه، ومن يكون هذا الرسول الذي لم نره في دنيانا ولم يشهده آباؤنا ولا آباؤهم،ولعل في هذا خير في تفقيه هذه الأجيال بسيرة نبينا العظيم والتعرف على حياته عن كثب، ومن هنا سيتشكل الدفاع عنه بالصورة القوية التي تعزز من مكانة الرسول الكريم في قلوب الجميع ليرى الآخرون ماذا يمثله هذا النبي لدى قلوب المعتنقين برسالته التي نشرها للعالم أجمع، فآمن به من آمن وكفر به من كفر، لكن يبقى التعلق بما قاله ونشره ودعا إليه المصباح الذي سيظل موقدا لن ينطفئ حتى يشاء الله له أن يبقى إجبارا على من يريد ومن لا يريد وبالصورة المعتدلة لا تفريط في ذلك ولا إفراط، لأن رسولنا كان نبي الوسطية لا التشدد وما كان ليرضى لوعثنا خرابا ودمارا حتى ضد من يسيء له شخصيا أو لديننا، ولكن حسن الخلق كان عنوانه ولنقتدي بأقل القليل من أخلاقه الكريمة، ولا تتطرفوا في هذا ولا تغلوا، ولنكن أمة محمد كما ينبغي لنحمل شرف هذا الاسم بجدارة. ‏[email protected]@ ‏@ebtesam777