11 سبتمبر 2025

تسجيل

استعمار جديد بشعارات دينية وعنصرية؟

09 ديسمبر 2016

حصل مرشح اليمين العنصري المتطرف على أصوات نصف الناخبين إلا قليلا في انتخابات الرئاسة النمساوية، وهذا هو الأهم في مؤشرات التغيير الحادث في المجتمعات الغربية. قبله نجح دونالد ترامب بأصوات الناخبين الأمريكيين أيضا -بما أحدث صدمة وأضاء أنوار الخطر في الداخل والخارج- والآن ينتظر العالم نتيجة المفاصلة الانتخابية في فرنسا وبمن ستأتي.. هل تأتي بمن هو أشد تطرفا أي مارين لوبان، أو بالأشد تطرفا -دون تكرار- فرانسوا فيون. وقبلها شهدنا وصول اليمين الأشد تطرفا للحكم في إسرائيل. في البداية كان نتنياهو متطرفا في مواجهة أمثال ليفني وإيهود باراك، فيما كان ليبرمان هو الأشد تطرفا والمنبوذ في لعبة الحكم. والآن صرنا أمام حكم يتقاسمه الاثنان معا، فيما انتهى ما وصف باليسار الإسرائيلي، بل انتهى الوسط أيضا.نحن إذن أمام انتقالة خطرة في طبيعة ومعالم قوة ظواهر التطرف والفاشية والنازية والعنصرية والقومية والشعبوية داخل المجتمعات الغربية، إذ انتقلت من حالة المجموعات الأولى الصغيرة المنبوذة والمرفوضة -وقد عرفناها من الهجمات على النقاب والمآذن والمساجد والمقابر- إلى سطوة تلك الأفكار على قطاعات مجتمعية كبيرة، وتحولها إلى تيارات ذات جماهيرية انتخابية منافسه، والأخطر أنها تسللت داخل الأحزاب التقليدية القائمة، بل سيطرت على بعضها ليصبح الحكام في الدول الغربية ممثلين أو معبرين عن تلك الأفكار والتيارات شديدة التطرف والعنصرية.تلك الوقائع الصادمة، تظهر أن المجتمعات الغربية تشهد تحولات كبرى، إذ باتت تسيطر على قطاعات من الرأي العام بها، أفكار وسياسات وممارسات التمييز على أساس الدين والعرق واللون. وتظهر أن الدول الغربية مقبلة على إعادة تشكيل سياساتها الخارجية تجاه المجتمعات والدول الأخرى، وفق معالم هذا الفكر، بعد وصول معبريه وممثليه إلى سدة الحكم. هل هي أزمة هوية في المجتمعات الغربية؟ أم أننا أمام تحولات عميقة، ستنتهي إلى إفراز مرحلة جديدة من السياسات الاستعمارية، وهذه المرة بغطاء شعارات دينية؟ أو هل ستنتقل التصرفات والأفكار التي رأيناها ضد المآذن والحجاب والمسلمين واللاجئين والمهاجرين، من حالة داخلية تجرى خارج إطار القوانين والدساتير، إلى سياسات في مواجهة الإسلام والمسلمين تحديدا، وهل ستقوم تحالفات دينية ومصلحية بين روسيا والغرب في مواجهة الدول الإسلامية؟المؤشرات الصادرة عن ترامب وفيون وبوتن ونتنياهو وغيرهم، تؤكد أن عالمنا الإسلامي في مواجهة، حرب ملونة بألوان التطرف الديني والعنصري. وتقول إن العالم يعيش ذات المشهد الخطير الذي سبق وأنتج الحرب العالمية الثانية، حين ظهرت تلك التيارات الفاشية والنازية، لتزج بالعالم إلى تلك المذبحة والمحرقة البشرية الدامية. وإن الجديد الآن، أن الحملة لم تعد ضد اليهود ولا تجري كصراع بين الدول الأوروبية على الدول الأخرى، بل بتشكيل تحالفات دولية ضد الإسلام والمسلمين تحديدا. هكذا تحدث ترامب، ومؤخرا شن مرشحه لمنصب مستشار للأمن القومي -مايكل تي فلين- هجوما على الإسلام لا يقل تطرفا عما فعله رسامو الكاريكاتير البذيء، والحال نفسه في أقوال فيون ولوبان في فرنسا... إلخ.لهذه الأزمة ولتلك التحولات أسباب عميقة منها ما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي وديني، لكن السؤال المحوري: هو لم الهجوم على الإسلام والمسلمين تحديدا؟هل هناك من يحول حراب هذه الظواهر تجاه الإسلام قصدا وعمدا؟ لم المسلمون فيما هم ليسوا منافسا عسكريا ولا سياسيا ولا اقتصاديا للغرب؟ هل هي حقبة استعمارية جديدة تحت شعارات دينية؟