19 سبتمبر 2025

تسجيل

هل ينجح العالم في خفض الانبعاثات الكربونية؟؟

09 ديسمبر 2015

يشكل التغيير المناخي أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحالي، ويكتفي القول بأن السنوات الخمس عشرة الماضية كانت من أشد السنين حرارة منذ بدء تسجيل الحرارة قبل 130 عاما مضت، كما كان عام 2015 هو العام الأكثر حرارة على الإطلاق، ويؤكد علماء المناخ على أن الصين والولايات المتحدة الأمريكية يعدان أكبر دولتين تتسببان في زيادة الانبعاث الحراري وثاني اكسيد الكربون في العالم ومن ثم ارتفاع درجات الحرارة بكوكب الأرض، إذ يشكلان بمفردهما أكثر من %40 من الانبعاثات الحرارية للعالم. لذا تهدف قمة الأمم المتحده للمناخ والمنعقدة في العاصمة الفرنسية باريس والتي شارك في أعمالها 150 رئيس دولة وحكومة ونحو 20 ألف مشارك من المندوبين والخبراء والإعلاميين وممثلي المجتمع المدني، إلى توقيع اتفاق إطاري للحد من الانبعاثات الكربونية وتكثيف الجهود لتقليل الاحتباس الحراري بكوكب الأرض والذي يهدد حياة ملايين البشر حول العالم من خلال التوصل لرؤية مشتركة لتحقيق تنمية اقتصادية تتميز بانخفاض انبعاثات الكربون لمواجهة تغير المناخ.هذا وتثير مشكلة تغير المناخ وانبعاث كميات ضخمة من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي والتي تتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري مخاوف جميع دول العالم المتقدمة والنامية، لذا فإن علماء العالم يبحثون بشكل جدي وحثيث كافة السبل المختلفة التي يمكن أن تحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وخفض درجات الحرارة العالمية بنحو درجتين مؤيتين.... وقد توصل علماء معهد بوتسدام لبحوث آثار المناخ في دراسة اعدوها لصالح البنك الدولى أن ارتفاع درجات حرارة العالم درجتين مئويتين فقط "وهو الأمر الذي يمكن الوصول إليه خلال عشرين عاماً" ستؤدي إلى نقص الموارد الغذائية والمائية على نطاق واسع وحدوث موجات غير مسبوقه من الحرارة وإثارة عواصف أكثر شدة وعنفاً عما نشهده في الوقت الراهن.وتؤكد بعض الدراسات الأخرى أن تغير المناخ وعدم اتخاذ قرارات جريئة لخفض الانبعاثات الكربونية سوف يؤدى بحلول عام 2050 إلى وفاة أكثر من 150 ألف شخص سنوياً، وتكبيد صناعات العالم خسائر بمليارات الدولارات وبصفة خاصة الصناعات الزراعية والغذائية، كما سينقرض %20 من الأنواع الحية البرية، وأشارت هذه الدراسات إلى أن العواقب المستقبلية ستكون أشد خطورة حيث سيتفاقم عدد الأشخاص المهددين بالموت بحلول عام 2080 وستزيد نسبة الحيوانات البرية المعرضة للانقراض إلى 32% وستتجاوز الخسائر المالية المترتبة على التغير المناخي في ذات العام إجمالي الناتج المحلي العالمي الراهن.هذا وقد ارتفع معدل غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو والذي يعد أبرز أنواع الغازات المسببة للحرارة من 280 جزءا في المليون عند بداية الثورة الصناعية ليصبح 400 جزء في المليون في عام 2015 وفقاً للعالم البلجيكي "روجية فرانسوا"، والذي حذر فيه من أنه إذا بقي العالم على هذا الحال دول حلول عملية فعالة فسوف نشهد زيادة معدل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى ألف جزء في المليون بحلول نهاية هذا القرن، بما ينذر بتسارع ذوبان الجليد في القطب الشمالي ومن ثم زيادة كمية المياه في المحيط الأطلسي الشمالى.وهو الأمر الذي أكدته أحدث دراسات العالم "جيريمى موجينو" رئيس قسم الجيوفيزياء بجامعة كاليفورنيا والمنشور بمجلة ساينس العلمية الأمريكية من أن قاعدة أحد أكبر الجبال الجيلدية في جرين لاند "القطب الشمالى" بدأت في الذوبان بوتيرة متسارعة منذ عام 2003 ليفقد أكثر من اربعين مليار طن من الجليد بسبب الاحتكاك مع مياة المحيط الدافئة، وأكدت الدراسة على أن ذوبان هذا الجبل بالكامل سوف يؤدي إلى رفع منسوب البحار بنحو نصف متر، وأبدت الدراسة تخوفها من استمرار ارتفاع حرارة الأرض بما يمكن أن يذيب الجبليد بالمناطق الأكثر برودة بالقطب الجنوبى الذي يحتوي على كميات أكبر من الجليد الكفيلة برفع مستوى البحار بأكثر من ثلاثة أمتار في حال ذوبانها خلال القرون المقبلة.وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة التي يمر بها العالم اليوم، ولضمان نجاح قمة المناخ المنعقدة بباريس فقد قام الرئيس "فرانسوا اولاند" ببذل جهود دبلوماسية شاقة للتوصل إلى إبرام إتفاق ملزم في ختام أعمال القمة، كما أعلن عن تبرع بلاده بمبلغ ستة مليارات يورو خلال السنوات الخمس المقبلة تقدم للدول الفقيرة خاصة الإفريقية منها لمساعدتها على التكيف مع آثار التغير المناخى، كما عقد لقاءً موسعاً مع 1000 رئيس مدينة وبلدية حول العالم لانارة وتشغيل مدنهم بالطاقات المتجدده بحلول عام 2050.كما قدم أهم 30 رجل أعمال عالميا "بقيادة بل جيتس" مبادرة بالتبرع لإنشاء صندوزق ضخم لا يقل رأسماله عن مائة مليار دولار لتنفيذ العديد من المشروعات في مجال الطاقة النظيفة بالدول الفقيرة... ليتبقى الإجابة على سؤال هام واساسى هل سيدرك ويوقع قادة العالم وفي مقدمتهم الصين والولايات المتحدة الأمريكية على اتفاق ملزم للحد من الانبعاثات الكربونية في أعقاب التوصل بالفعل لصياغة مبدئية على ذلك رغم وجود العديد من الاختلاف في وجهات النظر، أم سيعمل الإنسان كعادته دائما على تدمير نفسه بنفسه؟ هذا ما سوف يجيب عنه قادة العالم وتوصيات القمة في ختام أعمالها بعد غد.