ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي

شاركتُ في ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي والذي أقامه اتحاد وأدباء الإمارات خلال الأسبوع الفارط الثلاثاء والأربعاء والخميس وبمشاركة قطرية تمثل في الشاعرة الدكتورة ذكية مال الله والشاعر الكبير علي ميرزا محمود حيث قدما نماذج من تجربتهما الشعرية وقدم العبد الفقير لله ورقة تناولت القصيدة الحديثة في الخليج واتخذت من تجربة كل من الدكتورة ذكية مال الله وسعاد الكواري مثالا لمن كتب قصيدة النثر في قطر وإن كانت الورقة التي كتبت كنت أرى فيها أن حداثة الشعر العربي المعاصر هي ذات سمات وأصول تاريخية بحتة، ولكن معظم النقاد خصوصًا في العصر الحديث يطلقون أسماء كثيرة على القصيدة المعاصرة، كالشعر الحديث، الشعر الحرّ، شعر التفعيلة، الشعر الجديد، الشعر المطلق، الشعر المنثور، النثر الشعري، أو قصيدة النثر، أو النصوص الشعرية، أو الإبداع الشعري، أو الكتابة المضادة، وكلّ هذه التسميات التي أطلقها النقاد ليست بصحيحة، والسبب في ذلك أن معظم النقاد لم يقرأوا أدبنا العربي بتروٍّ وبعمق تاريخي، إن الحداثة المعاصرة في شعرنا إنما هي مستمدّة من ثقافة أسلافنا منذ العصر الجاهلي، بل هي أبعد من ذلك العصر. ولو سألنا أحدهم: هل تعرف شعراء عاشوا في الجاهلية؟ لأجابك بنعم، وعدّد عليك أسماء عديدة، بل يمكنه أن يسمعك شعرًا لهم. والسؤال نفسه لو سألناه أحد شعراء الغرب، هل لديكم شعراء في عصر ما قبل المسيح، وهل تحفظ شيئا لهم؟ فسوف يجيبك بالنفي، بأنه ليس هناك شعراء فضلاً عن أن أحفظ لهم شعرًا. إذًا، نحن أمام حداثة شعرية مرتبطة بزمن موغل في القدم له أصوله وجذوره الأدبية، وأن القصيدة باقية دائمة التأثير ونضرة وفي غاية التعبير، لا تشيخ مع الزمن مهما أوغلت فيه. وهذه الحداثة تعتبر القصيدة العربية ضمن أصولها وجذورها وضمن دائرتها وقابلة لاحتضانها معنية بتطلعاتها إذا ما توافر لها شاعر كبير مبدع مقتدر، كما تعتبر قصائد تنتمي إلى آداب مختلفة ومن عصور مختلفة برزت فيها خصائص إنسانية وفنية عالية المستوى هي حديثة بالمعنى الفني إذا كانت لصيقة بالوجدان الإنساني عبر أداء يتصف بالعمق والبساطة، إضافة إلى نضارة التعبير وقوة التأثير إذا ما قورنت بحداثات حديثة العهد، ينتمي كتّابها إلى العصر الذي نعيشه، ولكنها مختلفة ولا أثر لها لركاكتها، ولافتعال الشكل والمضمون- إذا وجد هذا المضمون- في معظمها رغم أنها تلبس لبوس الحداثة الفاقع اللون. ألا توجد في الشعر العربي نماذج حيّة لمثل هذه الحداثة القديمة، الجديدة على مستوى أبيات أو قصائد أو إضاءات شعرية أو مطولات. ولاشك أن أيام الملتقى التي تنوعت بين الجانب النظري في الفترة الصباحية والتطبيقي في الفترة المسائية عبر الأمسيات التي أقيمت، كانت حلما كما قالت الشاعرة والكاتبة أسماء الزرعوني الأمين العام له ونائب رئيس الاتحاد بأن يكون هناك لقاء يجمع المثقف الخليجي حيث إن حالة التواصل مفقودة بيننا فشكرا لأسماء الزرعوني ولكل من عمل فيه سناء وإسلام وقاسم والهنوف وغيرهم ممن لا أتذكرهم فلهم جميعا منا كل الشكر على الجهد الذي بذل معنا طوال تواجدنا معكم.