02 نوفمبر 2025

تسجيل

حكومات نباتية!!

09 ديسمبر 2011

كنت لا أملك إلا الضحك الباكي، أو البكاء الضاحك، حين أقرأ قصيدة شيخنا العلامة الدكتور محمد رجب البيومي رئيس تحرير مجلة الأزهر السابق رحمه الله، في وصف قطّ أعمى، في أحد دواوينه، كانت القصيدة تثير شفقتي بشدة وشاعرنا يصف مشاعر ذلك القط العاجز عن الحركة، الذي ينتظر تفضل أهل البيت عليه بالصدقة المتمثلة في طعامه وشرابه وهو المنوط به حراستهم من الفيران والهوام، ويصف شاعرنا بمهارة مشاعر ذلك القط العاجز والفئران تعابثه وتلهو به وتتشفى في عجزه وتمرح من حوله معربدة متلاعبة في استمتاع قاتل بذلته وعجزه.كنت لا أملك إلا الضحك الباكي، أو البكاء الضاحك، حين أقرأ تلك القصيدة، حتى رزقنا الله تعالى منذ شهور بقطٍّ عظيم الجرم، قويّ البنيان، مهيب الشوارب، حاد الأنياب، شرس الأظافر... لكنه نباتي!! لا يأكل ما يتاح له من لحوم أو أسماك أو أجبان أو حليب، لا يقترب منها ولا يتذوقها، ولا يروق له من الطعام إلا النباتات من خيار وبصل وفجل وكرنب وقنبيط وجرجير ومقدونس ويهيم أكثر ما يهيم بالبطيخ والشمَّام!!رأيته مرة يطارد فأرا على سلم البيت فاستبشرت خيرا وقلت: لقد برئ قطنا من تهمة النباتية وهاهو ذا يسترد طبيعة آبائه وأجداده النمورية وسيفترس هذا الفأر اللعين الذي ينغص علينا هو وعائلته حياتنا الهادئة. تتبعته وقد حمل الأر بين أسنانه برقة رقيقة، وحنو بالغ، ونزل به عدة درجات حتى ألجأه إلى مبتدأ السلم فحشره في ركن (زاوية) بين حائطين، وظل يتلاعب به ومعه، واستجاب الفأر متخوفا، ثم مترددا، ثم متوجسا، ثم متأقلما، ثم متفاعلا... مع صاحبه، انتظرت أن أرى دماءً تسيل، وصرخاتٍ تعلو، وأشلاءً تتمزق، وأضلاعا تختلط بأفخاذ، ودموعا تمتزج بدماء.. فلم أظفر – لنصف ساعة إلا قليلا – بشيء من ذلك. ثم فوجئت بالفأر يدنو من أذني قطنا المهيب وكأنه يستأذن في الانصراف، فاحتضنه القط المهيب وقبَّله مودِّعا، في حرارة وكأنه يطلب منه تكرير الزيارة، وسرعان ما عاد إلى مطبخ المنزل يطلب خيارا وجزرا وبطيخا فقد جاع من طول النزال!!كنت لا أملك إلا الضحك الباكي، أو البكاء الضاحك، حين أقرأ تلك القصيدة الفريدة، فأصبحت أضحك بإحدى عينيَّ وأبكي بالأخرى، وأنا أرى أمامي رأي العين قطاًّ منزوع الأهمية، فاقدا لمبررات اقتنائه، يحمل اسما مهيبا له ضجيجه وضوضاؤه هو (الحكومة) فكل الحكومات التي تلت خلع الرئيس السوابق كانت حكومات ناعمة هينة لينة يقل فيها الرجال الرجال [ توكيد وليس خطأ طباعة] ويكثر فيها أشباه رجال يسميهم الإعلام وصاحب السلطان " معارضين "، ويصنعهم على عينه، يطعمهم من جوع، ويؤمنهم من خوف، ويوفر لهم ما شاء هو لا ما شاءوا هم من أراضٍ ينهبونها، وأموال يسرقونها، شريطة أن يتقنوا أدوارهم في تلك التمثيلية المملة السخيفة التي تعيش فيها مصر من عام 1952 حتى اليوم! فالنظام يقدم لهم ما تسمح به جعبته من فضلات مزايا وهبات، شريطة أن يكونوا مثل قطنا [ قط آل رجب [: نباتيين يقنعون بالخبائث من الطعام كالجزر والفجل والبصل والكرنب، ويمقتون الطيبات من اللحوم والأسماك.!! [email protected]