26 سبتمبر 2025

تسجيل

يا خوف فؤادي من غدي

09 نوفمبر 2022

أن تحيا يعني أن تكون آخر مع كل يوم يتجدد، إحساسك اليوم من المفترض أن يكون إحساساً جديدا، إن أحسست اليوم بما كنت تحس به بالأمس، فأنت اليوم جثمان لجسد كان قد توفي بالأمس، كن جديداً مع كل صباح يتجدد، كينونتنا ناقصة لذلك على تفكيرنا أن يتجه إلى المستقبل دائمًا وباستمرار، كل ما يمكن أن تتملكه هو الغد حيث الحاضر تعيشه والماضي قد عاشك وانتهى، تفقد بعضاً من كُليتك مع تقدم الزمن فيصبح الغد بعضاً منك يأتي على مهل. أعجب من إصرارنا على الكبر ونحن صغار، كنا نأنف ممن يدعوننا بالصغار، نريد أن نكبر أن يأتي غداً مسرعاً، لم نكن ندرك أن الزمن ليس محايداً وأنه منشار كلما مر عليك قطع شطراً من كينونتك، الحل الوحيد معه أن تعيشه كل يوم بتجدد يليق ببقاياك المتناثره، لا أعرف لماذا تتملكني الأشياء الصغيرة التي مررت بها خلال حياتي، مما يجعلني أعيش الغد مترقباً لا أخشاه ككل، لكني أخشى الأشياء الصغيرة التي يخفيها هنا وهناك وتفاجئك وأنت الذي لم تعمل لها حساباً، تفترض الغد بشموليته لكن لا تنتبه لجزيئاته التي يختبئ فيها الشيطان، إلا أنه ليس هناك مجال للإنسان إلا أن يعيشه، فالإنسان منذ أن يولد يتجه نحو المستقبل، فهو يحمل في داخله تراكم الزمن وبذور نهايته والغد هو دائماً ما يسعى إليه. تسقط مع الوقت كل إمكانات الإنسان التي يحققها فالإنسان يعيش وسط إمكانات في هذه الحياة، يكبر، يدرس، يتزوج، يتوظف، ويبقى الإمكان الأخير وهو أن يموت. من هناك يأتي الخوف من الغد، مسيرة أمل وترقب وخوف، الغد مغامرة يقتحمها الإنسان بحساباته إلا أن حسابات الزمن في علم الغيب فقد يصل إليه ويجده شيئاً آخر أو قد لا يصل إليه وسيصبح ذلك الغد لغيره ممن سيكمل بعده رحلة الإنسان إلى حيث مصيره المحتوم.