01 أكتوبر 2025

تسجيل

نصغر أو نكبر أعواماً بكلمة!!

09 نوفمبر 2021

أعجبتني تلك الخاطرة التي يقول صاحبها: مخطئ من يظن أن الكلام يُقال ويُسمع عبثاً، فإن ما تصنعنا حقاً هي الأحاديث الجميلة والكلمة الطيبة اللطيفة الودودة، وما أجمل أن يُصاحبها المصارحة والعفوية التلقائية والاعتراف بالجميل والمجاملات المفاجئة، إن الإنسان كائن اجتماعي ضعيف هش؛ فكلمة طيبة قادرة أن ترفعه عالياً وكلمة جارحة قادرة على طرحه أرضاً، فلا تجعل كلماتك أشواكاً تُدمي من يسمعك، بل اجعلها رياحين فوّاحة تُنعش كل من يمر بها، فالخالق عز وجل يقول (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِي أَحْسَنُ ۚ )، فلو ضربت طفلاً ضربة خفيفة وأنت توبّخه لبكى ولو ضربته ضربة أقوى منها وأنت تمازحه لضحك، فالألم المعنوي أشد إيذاءً من الألم الجسدي ولا شيء يكسر قلب أخيك إلا "الكلمة الجارحة"، فاتقِ الله في أخيك ولا تكسر قلبه بكلمة جارحة ستبقى عالقة في ذهنه أمداً طويلاً. انتهت الخاطرة. ولا ريب أننا نعيش في زمان ندُر فيه من يُحاسب نفسه على ما يلفظه من كلام وقول، زمان قلّ فيه حياء الناس وأدبهم بابتعادهم عن تعاليم دينهم الحنيف وآدابه وفضائله، زمان يُقدّر فيه السفيه والتافه واللئيم ويُتجاهل فيه الخلوق الكريم حسن الطباع، زمان يسير عكس عقارب الساعة ويشيب له رؤوس الولدان من غرائب ما نراه ونسمعه ونعيش واقعه، فليتها اقتصرت على الكلمة الجارحة ولكنها امتدت لتصل إلى التصرفات والأفعال التي تخدش الحياء وتجرح من لا يزال يملك في قلبه ذرّة من حياءٍ وأخلاق ! ولعلنا ومع عالم مواقع التواصل الاجتماعي نُشاهد ما يُجسد واقع الكلام والفعل الجارح من خلال حياة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وما يوثقونه من توافه حياتهم اليومية الخالية من الروح الحقيقية لإنسانيتهم وخصوصيتهم وعقلياتهم وثقافتهم وحتى عقيدتهم التي استباحوها ونحروها بعرض أجسادهم وأجساد نسائهم وأسرارهم لعامة الناس دون أن يردعهم في ذلك دين ولا خُلق ولا أعراف ! لقد سئمنا واقع مجتمعاتنا التي صار همّ أفرادها الوحيد الطريقة المُثلى لتوسيع قاعدة متابعيهم على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بأي وسيلة كانت ولو دفعهم ذلك لاتباع أرخص وأسفه الطرق، فطالما أن رداء الحياء تم خلعه وحلّ محله رداء السفاهة وقلة الحياء فلا مكان للفُضلاء في حضرة مروجي الانحطاط والفكر الهابط المنحط ! فليت الكلمة الجارحة لوحدها هي الهم الوحيد لمن بقي محافظاً على رباطة جأشه ومتمسكاً بقيمه ومبادئه بل زاحمتها تلك التصرفات الخارجة عن سياق القيم والعادات المحافظة ليكبر بسببها ألف عام ويتألم لها آلاماً لا علاج لها ولا طبيب ! فاصلة أخيرة عجباً لأمر الكثير في مجتمعنا، فمن يتحلّى بالغيرة يسمونه "متزمت – معقد – متشدد"، يقول أحد العلماء: إذا ترحّلت الغيرة من القلب ترحّلت منه المحبة؛ بل ترحّل منه الدين كله. [email protected]