14 سبتمبر 2025
تسجيلفاز بايدن! ورغم أن هذا الفوز كان ضد توقعاتي التي حظي ترامب بها بنسبة تفوق الـ 80 %، إلا أنني سعيدة أننا قد تخلصنا فعليا من ترامب، الذي كان للأسف رئيسا يجيد فن التصريحات، لكنه لم يكن على قدر مسؤولية الأفعال، التي يجب أن تكون عليه في السياسة وتقوم عليها علاقات بلاده مع معظم دول العالم، التي دخلت مع الولايات المتحدة في حروب باردة كان ترامب السبب الأول فيها، ناهيكم عن سياسته التي أخرجت بلاده من معظم الاتفاقيات الدولية، فهبطت بعدها أسهم أمريكا، وبات العالم بأسره يربط تأخر الولايات المتحدة عن تصدر القضايا المصيرية بسوء إدارة ترامب، الذي تخبط في عدة مواقف؛ منها علاقاته مع الصين، فتارة يهاجمها اقتصاديا بوقف التعامل التجاري معها وفرض الضرائب الباهظة على وارداتها لأمريكا، وتارة يحملها مسؤولية انتشار فيروس "كوفيد - 19"، وأنها وراء قتل الكثير من الأمريكيين به، بينما أعلن انسحاب بلاده من دعم منظمة الصحة العالمية، التي وصفها بالمنظمة الفاشلة التي لا تجيد سوى النواح على آثار وباء كورونا دون أن تفعل شيئا يذكر للحد منه. وقال في أكثر من مناسبة إن الولايات المتحدة ستنتج عقارا فعالا لوقف انتشار هذا الفيروس، وأن هذا العقار قد تمت تجربته على آلاف المصابين وتم شفاؤهم منه، كما روج لأكثر من شركة طبية أمريكية بأنها ستأخذ دور البطولة في العالم لوقف هذا الوباء، وستتم محاسبة بكين على فعلتها هذه، دون أن يقدم دليلا واحدا على أن الصين يمكنها فعلا أن تكون مصدر انتشار هذا الفيروس، الذي فتك بأرواح وعافية ملايين البشر حول العالم. وساهم ترامب في إشعال الحرب الباردة مع روسيا التي لم تبادله التصرف، فكان بوتين أكثر حكمة وحنكة وتحكما بأعصابه في التعبير عن ردود أفعاله تجاه ترامب، الذي كانت مناوشاته في تويتر أكثر شجاعة منها في الواقع، كما دخل هذا الرئيس المنتهية ولايته في سجال معلن وغير معلن مع تركيا، التي بادلته التحدي بآخر أكثر صرامة، فلم يرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يمتثل لتوجيهات ترامب فيما يخص صفقات السلاح التي عقدها مع روسيا والصين، واستمر بها للنهاية، رغم أنه تعرض لوقف صفقات بلاده الجانبية مع الولايات المتحدة في شراء طائرات F 35 مقابل منع صفقة شراء صواريخ S 400، وكان لهذه المشارطة آثار غير محمودة الجانب من صوب أنقرة، التي رأت في ترامب رجلا مثيرا للمشكلات، ولا يسعى لعلاقات متوازنة مع بلاده، رغم أن تهديد ترامب هذا قد حظي بمباركة من الكونجرس، الذي اقترح فرض عقوبات على أنقرة في منع صفقات السلاح الأمريكية عنها، ولكن شخصية الرجل لم تجعله ينعم بعلاقات سوية مع باقي الدول التي حرص الرؤساء الأمريكيون الذين سبقوه على تعزيزها حتى مع خصومهم، وأعني تحديدا إيران التي خرج رئيسها روحاني بالأمس للإشادة بصمود بلاده أمام ترامب طيلة فترة حكمه التي امتدت لأربع سنوات، لا سيما بعد أن انفرد ترامب بقرار خروجه من الاتفاق النووي المبرم بين أوروبا وأمريكا من ناحية وبين إيران من ناحية أخرى، تحت إشراف الوكالة العالمية للطاقة الذرية، مما دعا أوروبا لانتقاد هذا القرار غير السليم، الذي أعقبه مضاعفة العقوبات غير المبررة على طهران، بل وفرض عقوبات على كل من يخل بشروط العقوبات الأمريكية على إيران. ناهيكم عن سلسلة خطوات تفرد بها ترامب وغرد بها خارج سرب الإجماع الدولي، مثل تخلي بلاده عن اتفاقية باريس للمناخ، والدعم الدولي لمنظمة الأونروا الأممية المعنية بإيجاد فرص عمل لملايين اللاجئين الفلسطينيين ومساعدتهم معيشيا، وكلها أمور يمكن أن تضاهي فداحة سياسته الداخلية، التي قامت على مناصرة البيض وإحياء الطبقية والعنصرية ضد الأمريكيين، الذين ينحدرون من أصول أفريقية أو شرق آسيوية وعربية، ولذا من المبكر الحكم على سياسة بايدن الذي يجب أن نعترف أنه خرج قبل فوزه على هيئة متزنة، كما هو الحال مع من سبقه من الرؤساء، ويبقى الحكم على قراراته التي سيتخذها ووعد بها بعد أن تقلد مراسم الحكم كرئيس سيبلغ الـ 78 مع شهر يناير المقبل، والذي سيدخل به عتبة البيت الأبيض الذي لا يبدو أنه غريب عنه، لكننا بالتأكيد نأمل أن تعود الأمور إلى نصابها الصحيح مع بايدن الذي يبدو مصرا على تصحيح أخطاء سلفه وهفواته هفوة هفوة!. @[email protected] @ebtesam777