11 سبتمبر 2025

تسجيل

خطاب سمو الأمير في افتتاح الدورة السابعة والأربعين لمجلس الشورى

09 نوفمبر 2018

كنت أتابع خطاب سمو الأمير يوم الثلاثاء الماضي باذن سامعة وعين شاخصة نحو سموه، أتابع مخارج الكلم والضغط على كلمات مفاتيح الخطاب وتقاطيع الوجه بعقلية ناقدة حبا وتقديرا لجهود سموه للارتقاء بدولتنا كي تحلق في معراج التقدم والازدهار والاستقلال، وترسيخ مبدأ السيادة بقيادة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله وحفظ البلاد من عاديات الزمان. ❶ إنه خطاب جامع شامل للقضايا الداخلية والدولية على حد سواء، تناولها سموه في خطابه وكأنه يقدم تقريرا للشعب القطري عن ما فعل وما سيفعل من أجل قطر وشعبها خلال العام المنصرم والأعوام القادمة رغم الحصار الظالم علينا من قبل من كنا نعتقد ونؤمن أنهم أخوة لنا، أشقاء يشدون من أزرنا ويحترمون كبرياءنا واستقلالنا وسيادتنا ويعاملوننا كما نعاملهم نحن. إنه خطاب كتب بعناية ليس صياغة فحسب، وإنما جوهر وثقافة وفلسفة، عندما تناول سموه في الخطاب موضوع «الأخلاق» فانه موضوع فلسفي تناوله فلاسفة اليونان أفلاطون وسقراط وأرسطو وغيرهم من فلاسفة الغرب في عصر النهضة.. إنه يحض الشعب على الالتزام وتطبيق قواعد الأخلاق في كل مناحي الحياة، الطالب في مدرسته وجامعته ومعه المعلم، والموظف في إدارته بصرف النظر عن درجته الوظيفية، والعامل في مصنعه، والتاجر في متجره، والجندي في ثكنته وميدانه. يقول سموه «لقد نشأ في قطر مجتمع حديث ودولة عصرية واقتصاد متطور،...، ولكي نكون قادرين على مواصلة التطور وتحقيق الاستدامة، ولا ننزلق في مهاوي اقتصاد الاستهلاك وثقافة الاتكالية واللا مبالاه، فانه لابد من التأكيد على العمل وأخلاقياته» لم يكتف سموه بالقول وإنما ذهب ليشرح أخلاقيات العمل قائلا «الإخلاص في أداء الواجب، واحترام أوقات العمل، وتنفيذ الوعود، والصدق والامانة في التقارير المرفوعة عن المهام، والشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع والدولة، والمشاركة في تحمل الأعباء» كلمات سموه تعبر عن وعي القيادة بما يجري في المجتمع وتحض الكل على الالتزام بالأخلاق وسمو التعامل مع الوطن والمواطن والمقيم. ❷ لقد أراد سموه أن يشيع بين الناس في قطر مبدأ الثقة في قدرة الدولة على تحقيق رفاهة المواطن وتحقيق الانسجام الاجتماعي بين مكونات هذا المجتمع النقي ذو الخلق الرفيع وإشعار المقيم معنا أنه جزء من عملية التنمية وركن من أركان أمن البلاد وسلامتها. إن سموه أراد ان يبعث بالطمأنينة إلى كل الناس في قطر باننا نعيش في ظروف اقتصادية جامحة رغم الحصار فالبنك الدولي يتوقع ارتفاع معدل النمو إلى 3% في العام القادم، وعدد المصانع ازداد عما كان عليه قبل الحصار بما يقدر بـ 14 % وقد شارف انتاجها على تحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتي، وارتفعت الصادرات بما يزيد على 18 %، وارتفع مستوى الطاقة الانتاجية لقطر من الكهرباء بـ 30%، وكذلك ارتفع مستوى الانتاج المائي (تحلية مياه البحر) ليصل إلى 40 % سعيا لتحقيق الأمن المائي والغذائي، ومن المعلوم أن المواطن القطري يتمتع بخدمات الكهرباء والماء بالمجان. مكانة قطر الدولية، لقد تعززت تلك المكانة كما قال سموه ونالت قطر احترام جميع عواصم العالم الحر، وكثير من دول العالم الثالث، فزيارات سموه إلى امريكا اللاتينية في شهر سبتمبر الماضي زادت من تعزيز مكانة بلادنا في تلك المجتمعات، وأيقنت دول العالم الحر أن كل الأكاذيب والتقارير التي كانت تقدمها دول الحصار لحكومات واحزاب ومؤسسات المجتمع المدني في تلك الدول أصبحت مكشوفة وأنه لا صحة لما قدموا من معلومات واتهامات بان قطر موئل الارهابيين وممولة الارهاب، بل ثبت لتلك العواصم وقياداتها بان دول الحصار تمارس الارهاب في اليمن وليبيا والقرن الافريقي وكان آخرها اغتيال الصحفي المرموق جمال خاشقجي في قنصلية بلاده السعودية في اسطنبول. ❸ لقد تناول خطاب الأمير القضايا العربية بلغة حزينة على واقعنا العربي، وراح سموه يستدعي التاريخ قائلا: «يعلمنا التاريخ أن الأزمات تمر لكن إدارتها بشكل سيئ قد تخلف رواسب تدوم زمنا طويلا، ومن المؤسف حقا أن استمرار الأزمة الخليجية كشف عن إخفاق مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهدافه التي تأسس من أجلها «ونوه بالقول إن تردي الوضع العربي عامة يفقد الوطن العربي الحصانة والقدرة على مواجهة الاخطار المحدقة بأمتنا العربية. لقد أكد سموه أن قضية الشعب الفلسطيني ستكون على رأس أولوياتنا، ولن نتخلى عن أهلنا في فلسطين، خاصة من يعيش في قطاع غزة المحاصر من قبل مصر العربية التي كان يجب أن تكون الدولة القائدة لفك الحصار الصهيوني عن قطاع غزة لا أن تكون طرفا من أطراف من يفرض على أهل غزة حصارا مقيتا. كما أدان سموه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تكرار العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وسياستها التوسعية سواء في بناء الموستوطنات أو الاعتداء على أملاك ومزارع أهل فلسطين في الضفة الغربية. وفيما يتعلق باليمن وسورية وليبيا الذين تعتصرهم الحروب والنزاعات والتدخلات، فقد أكد سموه المواقف الثابتة في السياسىة القطرية والتي مؤداها الدعوة الى إيقاف الحرب في اليمن، والمحافظة على استقلال وسيادة اليمن ووحدة أراضيه، ودعا جميع الاطراف اليمنية إلى نبذ العنف والعودة إلى طاولة الحوار البناء بين جميع أطراف الشعب اليمني طبقا لمبادرات مجلس التعاون السابقة قبل بدء «عاصفة الحزم» وقرارات الشرعية الدولية ومخرجات الحوار الوطني اليمني. ومؤكدا في ذات الوقت التزام دولة قطر بدعم كافة الجهود الاقليمية والدولية لانجاح الحل السياسي الذي يخرج سورية من محنتها الراهنة ويلبي تطلعات الشعب السوري الشقيق في الحرية والعدالة والأمن والاستقرار وفقا لبيان جنيف (1). ◄ آخر القول: لقد كان خطابا جامعا شاملا لحالنا في قطر والخليج وعالمنا العربي عامة، ولعل تركيزه على «الأخلاق» كأني به إلى جانب حث أهل قطر على التحلي بالأخلاق في واجباتهم.. يقول: إن الذين يحاصرون قطر وقطاع غزة ويعبثون باليمن لا أخلاق لهم بالمفهوم الديني والسياسي، والله القاهر فوق عباده. [email protected]