12 سبتمبر 2025
تسجيل* الظروف الاقتصادية الطاحنة ادخلت افواج من ربات الأسر لمظلة سيدات الأعمال، وابتدعت الكثيرات مسارات متنوعة، وبحسب قدراتهن العلمية والمادية، فرأس المال الأول ـ أصلاً ـ عصي علی شريحة كبيرة، مع التزامات هذه الاسر نحو تعليم أبنائها والعلاج والمأكل والمشرب والكسوة.. إلخ.* تعجبني السيدة السودانية المكافحة، رغم ضيق ذات اليد، والحِمل الواقع علی أكتافها لبناء أسرتها وتوفير ابسط سبل العيش، وربما يكون ضمن كفالتها الزوج ايضاً!! إما بسبب العطالة المتفشية او بسبب عوائق الحياة كالمرض والعجز بسبب إصابات العمل، او الامراض المزمنة..إلخ.* ما أوجع أن تجد امرأة فوق الستين تتكئ علی عصی بعد العاشرة ليلاً، في سماوات الخرطوم تحمل علی رأسها المبلل بالعرق حزمة من "المكانس" المصنوعة من سعف النخيل المشهورة لنظافة الحيشان الترابية، والتي تستعملها ربة البيت.. هذه السيدة تكون قد خرجت ربما صباحاً لتسويق بضاعتها كيفما كانت، واينما حلت لتقفل راجعة لمنزلها، وهي تحمل حمولة اخری ليوم جديد، وصباحات متصلة بذات ظلمة الليل.* محمد يونس البنجلاديشي الاقتصادي والأستاذ الجامعي حامل جائزة نوبل للسلام ابو الفقراء وصاحب الفكرة الطموح لبنوك الفقراء، تولدت افكاره يوم ان كان يلقي دروساً في علم الاقتصاد لطلبته، وعلی مقربة منه امرأة تنسج في كراسي من خوص الخيزران، فتجاذب معها اطراف الحديث فحاسب نفسه حسابا عسيرا، لانه اكتشف ان ما يدرسه لطلبته ما هو الا نظريات جافة، لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تحمي الجياع من حياة الذل والمهانة، فتولدت فكرة بنوك الفقراء، ونجحت وحققت للملايين حياة آدمية مقبولة، وربما قفزت بالملايين ايضا لرغد العيش.* من يطوف العالم وبالذات الدول الآسيوية يجد منافذ متنوعة شكلاً ومضموناً؛ تصنع وتبيع ضرورات حياتية، ربما هامشية لكن لا يمر شخص دون ان يقتنيها لرخص سعرها، وجودة صناعتها، ومهارة مسوقها، الذي ربما هو من ذوى الاحتياجات الخاصة، او كبار السن، وهكذا يدخلون لدائرة العمل والكسب الحلال وحفظ ماء الوجه، من ذِلة سؤال الناس.* يبقی البون شاسعاً بين تلك المرأة السبعينية المكافحة، وعشرات الصبية والصبيان ونساء امتهنّ ارذل مهنة (الطرارة الشحادة) وشبيهاتها، ليس فقط لصعوبة الحياة المعيشية وقساوتها، لكن لأن معادلات الاقتصاديات تزيد قساوتها، ولم يأت رجل رشيد او امرأة نافذة لتجلس هؤلاء في مقاعد الإنتاج، بكل قوانينه المنصفة كتلك التي ابتدعها المبدع محمد يونس أبو الفقراء.* من وقت لاخر تنفذ المحليات بالعاصمة السودانية حملات (الكشة) تهشم أكشاك البيع غير القانونية، وتدفق بضائعها وتهرس كل ما تطوله آلة البلدوزر الظالمة، التي تكسر القلوب وتوجعها، لأن الصغار الرضع يحتاجون لحليب ولعلاج ولقمة عيش "حاف".. ثم ماذا بعد؟ أليس هناك نظرية جديدة لصالح هؤلاء، ليدخلوا سوق الحياة، عفوا سوق العمل بدون ضرر او ضرار.. ليت ولاية الخرطوم العاصمة القومية تتبنى أفكاراً لصناعات بسيطة، لتمليكها لأولئك الفقراء الكادحين لتكون مظلة يقتاتون منها.همسة: إزالة المخالفات بقوة الآلة الحديدية ظالمة، وتوفيق الأوضاع يوسع مساحات التسامح، والتصالح مع الآخر.