10 سبتمبر 2025
تسجيلحينما وقعت عملية (طوفان الأقصى) وسميت أيضا (طوفان القدس) في صباح يوم السبت الماضي كنا نتوقع نحن الشعوب العربية أن تخرج بيانات عربية رسمية لإيضاح مواقفها من هذه العملية التي شلت كيان إسرائيل في يوم لم تكد الشمس فيه أن تشرق إلا وأضاءت صواريخ وأسلحة واقتحامات كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة «حماس» شوارع وثكنات الإسرائيليين وخرجت لنا الصور والمقاطع الحية تثبت أن لا خوف على فلسطين ولا هم يحزنون، وإننا على موعد مع فتح مبين ونصر قريب بإذن الله، ولذا تباينت المواقف العربية الرسمية بين مهادن يتأرجح بين الإدانة الصريحة للعملية الفلسطينية الباسلة وبين وصفها صراحة بالإرهاب أو داع لوقف العنف وعدم التصعيد بأسلوب أقرب للتعاطف مع إسرائيل وهو أمر ليس بغريب في وقت بات قطار التطبيع العربي الإسرائيلي أسرع بكثير من مركبة إعلان الدولة الفلسطينية بدولة مستقلة وحدود تخضع للسيادة الفلسطينية. وعليه رأينا أن هذا الأمر بدا طبيعيا جدا لحكومات تدرس مصالحها قبل أن تصدر مواقفها الرسمية من أمر زلزل المنطقة بأسرها ولكن لأن لكل قاعدة اختلافا في تكوين الآراء المعلنة فإنني لا يمكن أن أصنف أن موقف قطر الرسمي كان مثل غيره من المواقف ليس لأن الدوحة هي الأخرى لم تضع ميزانا للمصالح والتبعات وما يمكن أن يعقب أي موقف رسمي لها ولكني على ثقة بأنني مثل أهل قطر جميعا والعالم بأسره يعرفون بأن المبادئ لدى قطر لا يمكن أن تتجزأ أو تقبل القسمة على هذه المصالح التي تذهب مصلحة منها وتأتي عشرات مثلها وأفضل منها أيضا ومن هذه المبادئ الموقف القطري المتعاقب من القضية الفلسطينية وإنها سوف تظل قضيتها المركزية الأولى طال الزمن أو قصر أو توالت بعدها عشرات القضايا العربية التي لا تزال معلقة دون حل وعليه خرج البيان القطري الرسمي لوزارة الخارجية مفعما بما يشفي قلوبنا التي تقطعت نياطها من المواقف العربية المنهزمة فليس شرطا أن تخرج بسلاحها وحيدة للدفاع عن الفلسطينيين؛ لأن هذا الأمر كما تجهل الشعوب يحتاج لقوة عظمى ومتحدة وخطوات لا يمكن أن تتفرد بها قطر وحدها لكنها تعلم أن سلاحها هي الموقف الرسمي الذي قد يكون أكثر وجعا من الشعارات الفارغة والبيانات المتأرجحة أو المهادنة اللينة التي تظن حكوماتها أنها تستطيع تمريرها على الشعوب ولذا بدأ البيان بعبارة ما كان لأي حكومة أن تبتدر بها بيانها وهي (إن دولة قطر تُحمّل إسرائيل وحدها مسؤولية التصعيد الجاري الآن بسبب الانتهاكات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك تحت حماية الشرطة الإسرائيلية) ولا شك أن عبارة مثل هذه تمثل الموقف الرسمي لدولة خليجية عربية مسلمة لطالما دخلت لحل صراعات إقليمية ودولية وكانت وسيطا موثوقا به في كثير منها سوف تتوقع تبعات هذا الموقف بشجاعة خصوصا وإن البيان وضع اللوم كله على الكيان الإسرائيلي الذي تمادى في غيه وظلمه وتعنته واستيطانه وانتهاكه لكافة الحقوق الفلسطينية فكان من الطبيعي أن يكون هناك ردة فعل ومقاومة مشروعة لاسترداد جزء من هذه الحقوق، وتابع البيان دعوة دولة قطر المجتمع الدولي لإرغام إسرائيل على احترام المواثيق والقوانين الدولية وألا تتخذ مثل هذه الأحداث ذريعة لشن نار حرب جديدة في فلسطين لا سيما وأنها ستكون حربا غير متكافئة وأن ضحاياها سيكونون من المدنيين الفلسطينيين بينما جددت عهدها ووعدها بالثبات على موقفها في إيمانها بعدالة المطالب الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية في بيان رسمي وُصف بالشجاع والثابت في تحميل حكومة تل أبيب كل ما يحدث وما يمكن أن يحدث وهذا أمر لم تلتفت له أي حكومة ماعدا دولة الكويت الشقيقة التي شاطرت دولة قطر الموقف الثابت من عدالة القضية الفلسطينية وحق شعبها مما جعل الشعوب العربية ترى في هذين الموقفين الشرف الذي تخلى عن حمله الكثير من العرب لا سيما من جعله التطبيع في مركب الإسرائيليين فخرجت بياناتهم هشة لا توازن فيها ولا هوية.