12 سبتمبر 2025

تسجيل

لا تنسوا هذا الرجل!

09 أكتوبر 2018

مع هيجان العالم للاختفاء المتفاجئ والقسري للكاتب السعودي جمال خاشقجي وفرضية مقتله على يد فريق الموت الذي حضر على متن طائرتين خاصتين والمكون من خمسة عشر شخصا تزامن حضورهم للقنصلية السعودية في إسطنبول مع تواجد خاشقجي فيها إلا أن الرئيس رجب طيب أردوغان بدا متحفظاً قليلاً حينما واجهته الأسئلة عن مصير الكاتب السعودي الذي وصفه أردوغان بالصديق القديم واكتفى بالقول أنه يتابع شخصيا تحقيقات المدعي العام الجمهوري بهذا الخصوص وأنه سيكشف الحقائق للعالم مهما كان شكلها ونوعيتها وفي رأيي أن أردوغان يعلم أن هناك أزمة بدأت تتسلل بين بلاده والسعودية التي تجرأت على هذا الفعل سواء كان اختطافا أم قتلا على أرض تركية لا تقبل بأن يمارس أي شخص أجنبي حتى ولو كان دبلوماسيا أي عمل يخالف الأنظمة هناك وأن الرياض لم تحسب حساب الغباء الذي خرج عليه ممثل القنصل السعودي محمد العتيبي سواء في تصريحه حول الكاميرات التي تحيط بالقنصلية من الداخل والخارج بأنها (تصور لكنها لا تسجل) أو في طريقة استعراضه لأرجاء قنصليته برفقة صحفي من وكالة رويترز الذي تفاجئ بالعتيبي يفتح له خزائن الكتب الضيقة لينظر إن كان خاشقجي محشورا فيها أم لا!، بالإضافة إلى أن السعودية ليست جاهزة بعد لأن تتفجر أزمة دبلوماسية كبرى بينها وبين تركيا لا سيما وأنهم جربوا مرة ردة فعل أنقرة الغاضبة عليهم ولا أظن أن محمد بن سلمان قد درس عواقب ما قام به في إسطنبول بشأن الصحفي جمال خاشقجي لذا كان التخبط واضحا في ردود أفعال ممثلي القنصلية وتصريحاتهم التي دعت بالكثيرين للضحك ناهيكم على أن استمرار اختفاء خاشقجي يثبت أن شيئا غير طبيعي قد جرى له منذ دخوله للقنصلية وعدم خروجه منها كما يطالبها العالم بإثبات ذلك. نحن نعلم بأن قضية خاشقجي التي وقف العالم لساعات أمامها بالأمس وعاد لعمله اليوم يمكن أن تموت في محلها مثلها مثل مئات القضايا المشابهة التي يدخل اسم الرياض عاملا مشتركا فيها باعتبار أن أصحابها هم معارضون سعوديون غُيبوا داخل وطنهم أو خُطفوا من خارجه ثم تبين مقتلهم بعد ذلك فلماذا سيتغير الأمر اليوم مع جمال خاشقجي؟!.. لهذا ليس علينا أن نعوّل الآن على هذا الطوفان العالمي بشأن اختفاء خاشقجي القسري والاحتمال الكبير بمقتله داخل قنصلية بلاده في بلد أجنبي الذي لربما يكون هو الوحيد القادر على الكشف عن حيثيات هذه القضية التي مست سيادة ارضه وأعني هنا تركيا لأنه مع الوقت ستموت قضية خاشقجي وقد بدأت في الغيبوبة حاليا مع استهلاك المعلومات المتوفرة حولها وعدم وجود مورد جديد لأي جديد فيها فهل علينا فعلا أن نتهاون في قضية خاشقجي أو أنه سيكون الشعلة التي لن تنطفئ إلا بإيفاء أردوغان لوعوده في كشف الحقائق للعالم؟!. خاشقجي وإن كان ميتا حتى نشر هذا المقال يجب أن يظل ملفه مفتوحا ليس لأن هذا يعد تعديا على حرية الصحفيين وحياة إنسان بريئة فحسب ولكن لفضح كل ما يروج له الذباب السعودي في وصف (مبس) بالرجل الإصلاحي وأنه قاد حملة إصلاح وانفتاح في البلاد حتى باتت على شفا من حفرة العلمانية التي استبق سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة ترويجها عن المملكة واستنكر سعوديون كثيرون أن ينحدروا لهذا المنزلق وهاهم اليوم في نصف الطريق إلى قاعه!، الإصلاح الذي لم يلق الشعب من ورائه سوى الاعتقالات التعسفية والتغييب المفاجئ للعلماء والدعاة وأصحاب القلم والفقر المدقع والحالة المزرية التي تراكمت على فئات كثيرة من الشعب والذي طالب بأموال هذا الانفتاح لتدخل على شكل طعام وسكن وحياة مرفهة في أغنى بلد نفطي في العالم، لا يجب أن تُغيّب قضية خاشقجي من سطح الأحداث خصوصا وأنها فترة تزايدت فيها الرعونة السعودية وتجاوزت حدودها في التعدي على حقوق أفراد يعيشون خارج حدود التضاريس السعودية باعتقال مواطنين قطريين  والآن يأتي خاشقجي ليكون الرقم الصعب في تاريخ الاختطافات السعودية والذي تقف واشنطن وأنقرة ندّا أمام الرياض في اتخاذ موقف لا تحفظ فيه ولا مجاملة.. كلنا جمال خاشقجي!. فاصلة اخيرة: لن تستطيع أن تسلبني رأياً لن يموت مع إزهاق روحي! [email protected]