12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وفقا لتقديرات البنك الدولي، تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي لإنفاق نحو 100 مليار دولار سنويا على مشاريع البنية التحتية، وذلك من أجل الإبقاء على معدلات النمو الاقتصادي عند مستويات صحية ولمواجهة تأثيرات التباطؤ الاقتصادي.ومشاريع البنية التحتية بصورة خاصة من الصعب المساس بها ضمن حملة ترشيد النفقات التي تقوم بها الحكومات الخليجية في الوقت الراهن، كونها تشكل شريانًا لتغذية الاقتصاد في كافة مرافقه، وبالتالي لا بد من الحافظ على ديمومتها لكي يحافظ الاقتصاد على نشاطه.وإزاء تقديرات صندوق النقد الدولي بعجز قدره 153 مليار دولار في الميزانيات الحكومية الخليجية خلال عام 2016، يظل السؤال هو كيفية توفير مصادر تمويل منوعة لمشاريع البنية التحتية. وهنا تطرح عدة بدائل في مقدمتها صيغة الشراكة بين القطاع العام والخاص، وكذلك التخصيص الذي يمكن أن يوفر تمويل بديل هذه المشاريع.لكن يظل التحدي أمام مشاريع الشراكة والتخصيص في حقل مشاريع البنية التحتية، هو مقدرة هذه المشاريع على تحقيق عائد مرضٍ للمستثمرين من القطاع الخاص، حيث لا يمكن تصور قيام مؤسسات أو شركات القطاع الخاص بشراء مشاريع غير مدرة للعائد في حين يعد حافز الربح هو المحرك الأساسي لتلك المؤسسات.ويبرز هذا التحدي بشكل خاص في الدول الخليجية على خلفية الثقافة التي تربى المواطن عليها طوال العقود الأربعة الماضية، حيث كانت الحكومات تقدم معظم خدمات البنية التحتية مجانا أو مقابل رسوم بسيطة. وقد أدى هذا الوضع إلى غياب معايير الإنتاجية والعائدية عن مشاريع تلك الخدمات باعتبار أنها خدمة مجانية أو شبه مجانية تقدمها الحكومات للمواطنين. وهو ما يعقّد مسألة تخصيص مثل هذه المشاريع اليوم، ووضع تسعيرات تجارية لخدماتها اليوم سوف يكون بالتأكيد عالية مقارنة بـما اعتاد عليه المواطن الخليجي.لذلك فإن توجس الكثيرين من تخصيص مشاريع المرافق العامة والبنية الأساسية كالكهرباء والماء والمستشفيات، له ما يبرره في ظل الخشية بقيام القطاع الخاص برفع أسعار خدمات هذه المشاريع لضمان الربحية، في حين يرى المدافعون عن قرار التخصيص أن مؤسسات القطاع الخاص سوف تعمل على تطوير تلك المشاريع وتحسين خدماتها وتقديمها بأسعار تنافسية في ظل المنافسة الشديدة في السوق. كما أن المؤسسات أصبح مألوفا لديها -بحسب المنطق الاقتصادي- أن تحقيق أرباح صافية ربما يتأخر عدة سنوات بسبب الطبيعة الاقتصادية والتجارية لمثل هذه المشاريع، الأمر الذي يعني أن التخوف من تخصيص بعض المشاريع نتيجة لحيويتها وحساسيتها بالنسبة للمواطنين ليس له ما يبرره، لاسيما وأن الدول الغربية التي سبقتنا في هذا المجال وقطعت شوطا كبيرا فيه، قد تمكنت وبنجاح من تخصيص الكثير من مشاريع البنية التحتية، باعتبار أن توجهات الخصخصة ليس لها حدود معينة تقف عندها مادامت هناك جدوى اقتصادية من عملية التخصيص. وهناك توجس من احتمال قيام مؤسسات القطاع الخاص التي ستتسلم مشاريع التخصيص بتسريح نسبة كبيرة من العمالة، لكن يمكن الرد على هذا التخوف بالقول إن القطاع الخاص يحتاج أصلا لكوادر وكفاءات محلية تعينه على تحقيق أهدافه التجارية. إن صاحب أي مشروع خاص يعتمد على ركيزة أساسية ألا وهي تحقيق الربح. وتحويل مشروع حكومي ما إلى مؤسسة أو شركة في القطاع الخاص يجب ألا يشترط من خلاله الاحتفاظ بكل العمالة الوطنية أو العمل على بقائها، ذلك أن وضع مثل هذا الشرط يتناقض مع أسس العمل التجاري الحر ومفاهيم تحقيق الربحية للمؤسسات الخاصة وضرورة استمرار عملها، لكن ذلك يجب ألا يكون ذريعة لشركات القطاع الخاص للاستغناء عن العمالة الوطنية ما دامت تلك الشركات تحقق ربحية جيدة في ظل انتعاش السوق والحركة المتزايدة للنشاط الاقتصادي. كما يبرز هنا دور الحكومة في استثمار جزء من عوائد التخصيص في إعادة تأهيل أي عمالة مسرحة من جراء برامج التخصيص. إن المشاريع التي يتم تخصيصها تحتاج لكفاءات إدارية وفنية تمكنها من الاستمرارية والنمو، خاصة أن تلك المشاريع ستعمل في سوق مفتوح وعلى أسس تجارية بحتة تتطلب الأخذ بعين الاعتبار حجم السوق والمنافسين الآخرين الذين يعملون ضمن إطار ذات السوق.وليس بالضرورة تحويل كل مشاريع البنية الأساسية إلى مؤسسات القطاع الخاص، بل يمكن لمؤسسات هذا القطاع أن تقوم بدور مرادف لعمل الحكومة وتتجه نحو إنشاء وإدارة بعض من هذه المشاريع، والتجربة الحية على ذلك موجودة في المستشفيات الخاصة ويمكن تطبيقها على مجالات أو نشاطات أخرى بحيث يؤدي ذلك لإتاحة الفرصة أمام المستهلك اختيار طبيعة ونوعية ومكان الخدمة التي يريدها، والتي تتناسب مع إمكاناته وموارده المالية.