11 سبتمبر 2025
تسجيلهو رجل أعمال اجتماعي وأحد أشهر الاقتصاديين والمصرفيين في العالم، وُلد محمد يونس في عام 1940 في قرية باثوا في منطقة شيتاغونغ في بنغلاديش، وأظهر منذ صغره اهتماماً كبيراً بالعدالة الاجتماعية والاقتصاد، وكان لأمه «صفية خاتون» الأثر الأكبر في حياته إذ عدّها قدوته، وهي التي علّمته أن تكون له رسالة في الحياة، ولما رأى منها في مساعدة الفقراء. تخرج يونس بامتياز في جامعة دكا، وتابع دراسته في الولايات المتحدة حيث حصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة فاندربيلت. بعد عودته إلى بنغلاديش، بدأ مسيرته الأكاديمية كأستاذ في جامعة شيتاغونغ. خلال هذه الفترة، لاحظ يونس الفقر المدقع الذي يعاني منه سكان القرى المحيطة بالجامعة، وبعد أن تعرضت بلاده لمجاعة صعبة عام 1974، تسببت في موت مليون ونصف مليون إنسان بنغالي، ما دفعه للتفكير في حلول اقتصادية تساهم في تحسين أوضاعهم المعيشية. في منتصف السبعينيات، بدأ يونس بتنفيذ فكرة «التمويل الأصغر - Micro Loan» من خلال تقديم قروض متناهية الصغر للفقراء الذين لا يستطيعون الحصول على قروض من البنوك التقليدية بسبب عدم توافر الضمانات المالية وخاصة النساء حيث كانت لهم الأولوية ولأنهم الفئة الأضعف في المجتمع ولديهم مسؤوليات ولتعليم أولادهم أيضاً. كانت هذه الفكرة ثورية في ذلك الوقت، حيث كانت المصارف التقليدية تعتبر الفقراء غير جديرين بالثقة ولا يمكنهم سداد القروض. لكن تجربة يونس أثبتت نجاحها الكبير وتمكن المقترضون من سداد القروض وتحسين أوضاعهم الاقتصادية. كانت الفكرة تعتمد على إعطاء قروض صغيرة «25 – 50 دولارا» لتشجيع الفقراء على العمل والتسديد بشكل بسيط وسريع «0.25 – 0.50 دولار» أسبوعيا، وكانت القروض تعطى للمجموعات أكثر من الأفراد، وفي غالبيتهم ليسوا من الأقارب أو العائلة الواحدة لتشجيع بعضهم على العمل والإنتاجية والسداد وعدم التقاعس، ومن لم يستطع السداد يقدم خدمات للبنك في أحد مشاريعه الإنشائية والخدمية حتى وصلت نسبة الالتزام 97%. أسس يونس بنك غرامين في عام 1983، وهو مؤسسة مالية مكرسة لتقديم القروض الصغيرة للفقراء دون الحاجة إلى ضمانات. هدفها الأساسي التخفيف من حدة الفقر وتمكين الفقراء المهمشين في بنغلاديش من قروض صغيرة. أصبح البنك نموذجاً يُحتذى به على مستوى العالم، وانتشرت فكرة «التمويل الأصغر» في العديد من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء من بينها (ماليزيا والفلبين ونيبال والهند وفيتنام)، ووصلت أيضا إلى الولايات المتحدة، إذ يوجد بها 19 فرعا في 11 ولاية، وقدم خدماته لنحو 100 ألف امرأة وفقير أمريكي بالطريقة نفسها التي يعامل بها أقرانهم في بنغلاديش. كان هدف يونس الأسمى أن يخرج أكبر عدد ممكن من سكان بلاده من الفقر الشديد، وهو ما ساهم به بشكل كبير، وتقديراً لجهوده الكبيرة في مكافحة الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية، تم منحه جائزة نوبل للسلام في عام 2006. كان هذا التكريم اعترافاً دولياً بجهوده وإسهاماته في تحسين حياة الملايين من الفقراء حول العالم. يمكننا أن نستخلص درساً مهماً من تجربة محمد يونس: أن الابتكار والشجاعة في التفكير خارج الصندوق يمكن أن يحدثا تغييراً كبيراً في المجتمع. ويمكن للعديد من المجتمعات الاستفادة من هذه العبرة من خلال تبني مبادرات اقتصادية واجتماعية تهدف إلى تمكين الأفراد الأقل حظاً وتعزيز العدالة الاجتماعية. يجب أن نؤمن بقدرتنا على إحداث التغيير وأن نستثمر في مشاريع تنموية تساهم في تحسين حياة الناس. بالنظر إلى قصة نجاح محمد يونس، ندرك أن القوة الحقيقية تكمن في التضامن والمسؤولية المشتركة، وأن الأمل والعمل الجاد يمكنهما أن يقودا نحو مستقبل أفضل للجميع.