19 سبتمبر 2025
تسجيلللتاريخ منطق يتجه نحو الحرية في كل بقاع العالم، مهما حاولت بعض الدول سد المنافذ والأبواب وبناء السواتر الحديدية، لا يجب أن نفكر في أزماتنا كنهايات، بل يجب أن نفكر فيه كسياق واتجاه لحركة التاريخ نحو بلوغه لأهدافه، انظر مثلاً إلى ماذا سيؤدي الوضع بعد الانفجار الأخير الذي دمر ميناء وأجزاء كبيرة من العاصمة بيروت؟. استمع الى ما قال الرئيس ماكرون من وجوب النية لتدويل العاصمة اللبنانية وإخراج قوات حزب الله منها، التاريخ لا يعرف السكون ولا حالة التجمد مهما كانت الشعوب عاجزة ومسلوبة الإرادة، قد يكون مُراً كالعلقم لكنه يتحرك لا يتوقف عن التحرك، سيرور مستمرة، وانتقال من صيرورة الى أخرى، فالحرية كروح مطلقة لا يمكن ايقافها، انها حركة تاريخ بأدوات بشرية، التاريخ يبحث عن الاغبياء لكي يكرس مسيرته واستمراريته، لأن الاذكياء يفهمون حركته مسبقاً واتجاهه، وقبل هذا الحدث المأساوي الذي هز العالم بأسره انظر كيف مُلئت سجون دول الحصار بأصحاب الرأي وأصحاب الفكر والمعتدلين من شيوخ الدين في جميع دول الحصار بلا استثناء، في محاولة يائسة للتكتيم على حرية الكلمة والرأي، وهو صراع محسوم النتيجة لصالح حرية الكلمة وإبداء الرأي، بل أكثر من ذلك انظر كيف فعل في الشعب القطري المُحاصر، وكيف أبرز إرادة من فولاذ لم تكن لتظهر لولاه، انظر كيف أفرز مساحة للرأي والرأي الآخر في هذا المجتمع لم يكن هناك متسع لإظهارها قبل ذلك، الأزمة ليست أزمة إلا في ساعتها الاولى، أما بعد ذلك فهي استئناف للإنسان كوجود بعد فترة مهما كانت طويلة. فانفجار بيروت سيدفع الى تغير الخريطة الشرق الأوسطية بشكل غير مسبوق، لكن الإشكالية في هشاشة الدولة الوطنية العربية في جميع انحاء العالم العربي، بعد استبعاد البعد العربي من اجندات الأنظمة القائمة حالياً، لحساب أجندات صغرى فئوية أو تخدم مصالح شعوب وقوميات إقليمية أخرى، فالغباء التاريخي الذي يضع مصلحة الفرد أمام مصلحة الشعب أو أجندة أيديولوجية فوق مصلحة الانسان، شكل من أشكال البشاعة التي يحركها التاريخ، ويحولها مع الوقت ويدفع بها نحو حرية الإنسان، مهما كانت محاولات مستميتة لإيقاف هذا التوجه التاريخي الذي يتحرك نحو "المطلق"، انفجار بيروت وحصار قطر قبله سياق استئناف بلا شك وليس انقطاعا، استئناف للإنسان في هذه المنطقة بعد ان توقف به التاريخ امام جدار الاستبداد والوصاية. هناك استحقاق سيتم دفعه بلا شك لتجاوز الفجوة بين بقايا الانسان العربي المعتقل وإنسان الحرية الجديد. [email protected]