14 سبتمبر 2025
تسجيلاكتشاف علاج فعال لمرض فتاك، وتم القبض على فلان الفلاني بتهمة الفساد، وأقسم عليك بالله أن تنشر هذا الدعاء، وصباح التفاح خليك في البيت مرتاح. أعتقد عزيزي القارئ بأنك تعاني كما أعاني من سيل الرسائل والأخبار التي تصلك يومياً على هاتفك المحمول من أصدقاء أو زملاء أو مجموعات تواصل شاركت أو تم إشراكك فيها حتى أصبحت غير قادر على التفريق بين الغث والسمين فيما يصلك من معلومات. بدون أدنى شك أن شبكات التواصل الاجتماعي أحدثت ثورة عارمة في المجالات الاجتماعية والإعلامية والاقتصادية والقائمة تطول، فسهولة استخدامها وسرعة انتشارها وعلو سقف الحريات بها جعل منها قوة لا يستهان بها. والسؤال الذي يطرح نفسه هل نحن نستخدم هذه الشبكات أو الوسائط بشكل من المصداقية والثقة في نقل الأخبار والمعلومات أم أننا نقوم بنسخ ولصق وإرسال ما يصلنا, ولماذا وما هدفنا وماذا سنحقق من هذا؟ مجموعة تساؤلات حري بنا أن نسأل أنفسنا إياها قبل الضغط على زر الإرسال. قال تعالى في سورة الحجرات "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"، فأمر الله سبحانه واضح وجلي بالتثبت والتحقق مما يصلنا من أخبار وأنباء حتى لا تكون عاقبة المشاركة في إشاعة الأخبار دون التأكد من مصدرها وصحتها فسقا تتبعه ندامة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع، ويقول فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي: "كل شيء سمعته غير قابل للنقل ما لم تتحقق من صحته، أنت لست كالطبل أي ضربة يخرج صوت منه". ولخطورة هذه السلوكيات التي تنتج من البعض وحتى إن افترضنا حسن النية، قامت العديد من الدول بسن القوانين والتشريعات التي تجرم وتعاقب من يقوم بنشر الإشاعات والأكاذيب أو التشهير، حتى أن البرلمان التركي في شهر يوليو الماضي أقر مشروع قانون يوسع رقابة السلطات على شبكات التواصل الاجتماعي بحيث يرغم القانون شبكات التواصل الاجتماعي الشهيرة والتي يتردد عليها أكثر من مليون مستخدم يومياً، أن يكون لها ممثل في تركيا ويحتم الانصياع لأوامر المحاكم التركية التي تطلب سحب مضمون معين قد يهدد الأمن القومي أو يكون مصدراً لنشر الإشاعات والأكاذيب التي تهدد أمن المجتمع. وفي قطر نصت المادة 8 من الفصل الثاني من الباب الثاني من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على (100,000) مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعدى على أي من المبادئ أو القيم الاجتماعية، أو نشر أخباراً أو صوراً أو تسجيلات صوتية أو مرئية تتصل بحرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأشخاص، ولو كانت صحيحة، أو تعدى على الغير بالسب أو القذف، عن طريق الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات. إن الرقابة الذاتية فيما نقول أو نفعل هي واجب يحث بل ويأمر به ديننا الحنيف، فحرية الرأي والتعبير لا تعني عدم مراعاة القواعد القانونية والأخلاقية التي تعتبر دستوراً لحياة اجتماعية آمنة وصحية. فحري بنا عزيزي القارئ ألا نكون أدوات تستخدم لنشر الشائعات والأخبار المغلوطة في مجتمعاتنا ونعمل دون أن ندري أو نقصد الإساءة إلى الآخرين من خلال مجرد خبر وصلنا واعتقدنا أنه يصلح للنشر وإعلام الآخرين به، فنأثم دون أن ندري أو نعلم. [email protected]