23 سبتمبر 2025
تسجيلبلد الجمال والطبيعة تتهاوى في لمح البصر لتصبح منكوبة، تستصرخ ضمائر العالم لينتشلها من رذاذ الرماد الذي مسح جمالها، و من النيران الذي حوّل ليلها نهارا ً، ومن الانفجار الهائل الذى وشح سواده على صفاء مياهها، لايمكن أن يستوعب العقل البشري، وأن يسيطر العالم على مشاعره، وهو يرى أجمل دولة في العالم العربي تحترق، دويّ الانفجار بلغ مداه فصعق العالم من هوله، تحولت لبنان إلى لوحة مأساوية رسمت بدماء الموتى والجرحى ودموع الأطفال،وتبعثرت ألوانها النظرة في براكين الدخان المتصاعد من وهج النيران. آه.. يا بلد السلام كما صدحت بك لحناً حنجرة " فيروز " من قلبي سلام لبيروت " ألا يكفيك النكبات المتراكمة المعلقة على مشانق المشاحنات والمهاترات السياسية الإقليمية والداخلية، الحزبية والعقائدية المتحكمة في مصير شعبك البائس، ألا يكفيك الحروب الأهلية التي لم تتوقف عجلتها. أهمل جمالك الطبيعي الربانيّ، وسلبت مقدراتك المعيشية، وسرقت أموالك، اقتصاد صعب، عملة وطنية متدهورة، وغلاء فاحش، وسياسة فاسدة، سياحة متوقفة، نفايات متناثرة، كورونا حلّ ضيفًا ثقيلًا كما هي دول العالم بأرقام مرتفعة، من الأموات والمصابين، ليأتي الانفجار فتزداد المآسي وتتعمق الجراحات. … آه يا بيروت المنكوبة يا صاحبة القلب الذهب، رائحة الأرز الذكية التي تغطي نسائم جبالك ما زلنا نستشعر بها، وخطك الساحلي الممتد على البحر المتوسط "وصخرة الروشة " وحركة المصطافين وصوت الباعة، صور لا تغيب عن أعيننا، مصايفك الجبلية بمسمياتها وارتفاعها وبرودتها وطبيعتها الربانية تهفو قلوبنا لها حنينًا وشوقًا بصوت فيروز الدافئ الممتزج بسحب الضباب " " بحبك يالبنان ياوطني،، بشمالك بجنوبك بسهلك أحبك يالبنان،، ليضفي رونقًا وانسجامًا. لكنها الأيدي الآثمة حين نشبت مخالبها الدموية قتلت كل جميل أمامها، وحين ترى وجهها القبيح في مرآة مصلحتها، وتحقيق أجندة غيرها. هاهي بيروت المنكوبة أصبحت وقودًا وحطبا، من يصدق أقرب من حبل الوريد للإنسان أصبحت مدينة مدمرة ومجروحة، زجاجها المتناثر غطى الشوارع والبيوت والأجساد والعيون، "و نترات الأمونيوم " ابتلعت الناس وشقت البحر من عصف الانفجار، هناك مفقودون، وهناك ثكالى، وهناك أيتام وهناك دموع وبكاء وأنين، وهناك بيوت عارية وخراب شامل، ولكن ! هناك أمل جديد ومستقبل مشرق، فمن رحم الأحزان وتحت الرماد ستولد ثورة تعصف رياحها في وجه من اختطف جمالها وأضاع ثرواتها وأفسد كيانها، ودس السم بين جنباتها،، وستولد إرادة قوية وسواعد متينة وطنية تصلح وتبني وتعمر ما أفسدته الأيادي العابثة بأمنه واستقراره داخليًا وإقليميا التي أبت أن ترى الوطن "لبنان " يعيش في سلام من خلال تنفيذ أجندات تخدم مصلحة أصحابها. … لماذا لا يؤسف على ما يحدث في لبنان بلد الحضارة والفكر والأدب والثقافة ودور النشر، بلد الإبداع وحرية الرأي، بلد جبران، وإيليا أبو ماضي وأمين الريحاني، وبشارة الخوري. وحين نستذكر التاريخ فاللبنانيون المهاجرون حملوا تراثهم إلى كثير من بقاع العالم،و أغنوا التراث بإبداعاتهم في الشعر والنثر، اليوم الفكر اللبناني، العقل اللبناني في توهان الصراعات والمشاحنات السياسية على السلطة والحكم التي أودت بلبنان ومقدراتها وخيراتها ونثرها وشعرها، إلى مصير مجهول نتائجها وآثارها وخيمة، سحابة أطلال وضحايا نتيجة كارثة انفجار "العنبر 12 "بمرفأ بيروت خزنت فيه نحو 2750 طنًا من مادة نترات الأمونيوم الحارقة والسامة منذ ست سنوات، دون إجراءات سلامة وأمنية حسب ما قيل، لتضيف أطلالًا جديدة على الأطلال المتبقية جراء الحروب الأهلية السابقة التي لم تجد ضميرا يعيد بناءها. من المسئول !! ومن الضحية !! تحتاج لبنان اليوم إلى من يكفكف دمعها، ويلملم جراحها، إلى من ينقذها من وحل الفساد المستشري بين جنباتها، إلى حكومة رشيدة مستقيمة تستفيق من سباتها تعمل من أجل لبنان وأبناء لبنان، بضمائر إيمانية يقظة، فالمساعدات والمعونات العالمية الإنسانية والخيرية التي توافدت على أرضها منذ اللحظات الأولى جراء الصدمة القوية التي لمست آلامها قلوب العالم بأكمله، لم تكن نهاية الطريق الوعرة التي يلمسها المواطن اللبناني في وطنه إنما هي لتخفيف الجراحات وتوفير الاحتياجات، وإيواء المشردين وتطبيب الجرحى، لبنان كما قالت جامعة الدول العربية " أملها معقود بشكل خاص على حكمة قيادة الجيش والأجهزة الأمنية في التصرف بمهنية ومسئولية معهودين للحيلولة دون انزلاق لبنان إلى المجهول ". و كما دعت الحكومة اللبنانية إلى الإسراع في إجراءات إصلاحية اقتصادية لاحتواء الأزمة المتصاعدة عقب احتجاجات ندّدت بالأزمة المعيشية." أملنا بالله أن تنتصر لبنان الجريحة للإنسانية وتضمد جراحها بعزيمة وإرادة أبنائها، ويرددون ما تغنت به فيروز "حليانة الدنيا حليانة بلبنان الأخضر". [email protected]