11 سبتمبر 2025

تسجيل

النداء الخالد 1- 2

09 أغسطس 2016

نِداء يسمعه المسلم كلَّ يوم خمسَ مرَّات، معلِمًا بدخول وقت الصلاة المفروضة؛ إنَّه صوت الحق، وعنوان التوحيد، وشعار الإسلام، إنَّه "الأذان". الشعيرة الظاهِرة التي تُردَّد كل يوم خمس مرات، ما أجملَه من نداء، لا سيما وأنت تستشعر أن مَلِك الملوك يدعوك لزيارته، هذا النِّداء له أهميَّة عظيمة في دِين الإسلام، فهو علامةٌ بارزة للتفريق بيْن دار الكُفر ودار الإسلام، وهو في اللغة كما قال ابن قتيبة: أصله من الأذن، كأنه أودع ما عمِله أذنَ صاحبِه قال الله - عز وجل -: ﴿ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 3] ويقال له: أذان، تأذين، وأذين وشرعًا:الإعلام بوقت الصلاة، بألفاظ مخصوصة، هو اللفظ المعلوم المشروع في أوقات الصلاة للإعلام بوقتها الأذان وسُمِّي الأذان بذلك؛ لأنَّ المؤذِّنَ يُعلِم الناس بمواقيت الصلاة، ، ويُسمَّى النداء؛ لأنَّ المؤذن ينادي الناس، ويدعوهم إلى الصلاة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ [المائدة: 58]، وقال: ﴿ إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 9]. ولملازمته - عليه الصلاة والسلام - لهما في الحضَر والسَّفَر؛ ولأنَّه لا يتم العِلم بالوقتِ إلا بهما غالبًا، ولتعين المصلحة بهما؛ قال ابنُ تيميَّة - رحمه الله -: "وفي السُّنة المتواترة أنَّه كان يُنادَى للصلوات الخمس على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبإجماع الأمَّة، وعملها المتواتر خَلَفًا عن سلَف" ولم يكن الأذان مشروعًا في مكَّة قبل الهجرة؛ وإنَّما شرع في السنة الأولى من الهجرة، كما يدلُّ على ذلك حديث ابن عمر الذي نفى النِّداء بالصلاة قبل الهجرة مطلقًا (خ) 579 , (م) 1 - (377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: (كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَلَاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا)[1] (فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ذَكَرُوا أَنْ يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَلَاةِ بِشَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ) [2] (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَلَاةِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَلَاةِ ")[3] وقد جزم ابنُ المنذر بأنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - كان يصلي بغير أذان، مُنذ فرضت الصَّلاة بمكَّة إلى أن هاجر إلى المدينة، وإلى أنْ وقع التشاور في ذلك؛ على ما في حديث عبدالله بن عمر وحكمة مشروعية الأذان:(4) ذكر أهل العلم لحكمة مشروعيَّة الأذان أربعة أشياء: إظهار شعار الإسلام، وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة، ومكانها، والدُّعاء إلى الجماعة. والحكمة في اختيار القول له دون الفعل: سهولة القول وتيسّره لكل أحدٍ في كل زمان ومكان. مسائل العقيدة مجموعة في الأذان: (6) فالأذان على قلَّة ألفاظه - كما يقول القرطبي - مشتمل على مسائل العقيدة؛ لأنَّه بدأ بالأكبرية، وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنَّى بالتوحيد ونَفْي الشِّرك، ثُمَّ بإثبات الرِّسالة لمحمد - صلَّى الله عليه وسَلَّم - ثم دعا إلى الطَّاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرِّسالة؛ لأنَّها لا تعرف إلاَّ من جهة الرَّسول، ثم دعا إلى الفلاح، وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيدًا. هذ وقد ارتبط التكبيرُ بثلاثة من أركان الإسلام؛ (الصلاة + الصيام + الحج)؛ فقد ارتبط بالصلاة ارتباطًا وثيقًا: دعوةً لها، وإشارةً لانتقالاتها، وتسبيحًا بعدها، كما أنه ارتبط بالصِّيام والحج.