14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قطع مجلس التعاون الخليجي شوطاً كبيراً في مسيرة التكامل الاقتصادي، ولا سيما ما تحقق على صعيد المواطنة الاقتصادية، حيث تشمل تجارة التجزئة والجملة والعقار والاستثمار والتعليم والصحة كما أقيم الاتحاد الجمركي، وتم إلغاء الضريبة الجمركية بين دول المجلس في عام 2003. وتم إطلاق السوق الخليجية المشتركة عام 2008، كما يجري العمل على توفير مستلزمات وتوحيد العملة.. ووحدت دول مجلس التعاون الكثير من الأنظمة والقوانين في مجال الأمن والتعليم والصحة والتأمينات والتقاعد والتجارة والزراعة والصناعة والاستثمار وتداول الأسهم وتملك العقار والمجالين العدلي والقانوني. إلا أن المسيرة السابقة برهنت على حاجة دول المجلس لآليات تنفيذ فاعلة تتجاوز مرحلة القوانين الاسترشادية والإستراتجيات البعيدة المدى والقرارات العليا إلى مرحلة آليات وبرامج التنفيذ الملزمة والقرارات التنفيذية لقرارات القمم، وهذا ما يأمل المواطن الخليجي رؤيته خلال المرحلة المقبلة. بنفس الوقت يلاحظ تأخر العديد من الخطوات والقرارات الهامة في التنفيذ الفعلي، بما في ذلك الاتحاد الجمركي الموحد الذي تم تمديد فترة تنفيذه الكامل بتأخر بنحو عقد من الزمان عن الموعد الأصلي لقيامه. وقد أقر المجلس الأعلى في دورته في الرياض إنشاء هيئة للاتحاد الجمركي، بدأت أعمالها في الأول من يونيه 2012. كما يلاحظ أن دول مجلس التعاون لا تزال تدرس تكامل أسواق المال الخليجية وفتحها دون قيود مما يعني غياب العمق الاستثماري الخليجي أمام مواطني دول المجلس. وأقر وزراء المالية مؤخرا قانونا موحدا لضريبة القيمة المضافة كتوجه لفرض نظام ضريبي يطبق بصفة جماعية في دول المجلس، إلا أنه من المعروف تفاوت مستوى دخل الأفراد والمؤسسات بصورة ملحوظة في دول المجلس. وتفعيل قيام السوق الخليجية المشتركة لا يزال يصطدم بمساواة مواطني المجلس في حقوق العمل والأجور والضمان الاجتماعي وغيره، كذلك حرية تأسيس الشركات والاستثمار في الأسهم والعقارات وإقامة فروع للبنوك التجارية وغيرها. وعلى الرغم من اختفاء القيود الجمركية على التبادل التجاري، فإن المعوقات غير الجمركية ولاسيما تلك التي تحصل في المنافذ الجمركية لا تزال تأخذ حيزا كبيرا من اجتماعات وزراء المالية والاقتصاد والأجهزة المعنية وهموم التجار من مصدرين ومستوردين. وقد ارتفعت المبادلات التجارية البينية بين دول المجلس، إلا أن نسبتها من مجموع التجارة الخارجية لدول المجلس لا تزال لم تتجاوز 10%. وهي نفس المعدل الذي ظل سائدا طوال العقدين الماضيين تقريبا. علاوة بالطبع على قضايا عديدة لا تزال خلافية بشأن تطبيق الاتحاد الجمركي الموحد من بينها آليات احتساب القيمة الجمركية وصندوق الإيرادات الجمركية وتوزيعه والتعويضات .. وتفتخر دول المجلس بأنها حققت خطوات متقدمة في مجال التنمية البشرية، حيث جاءت جميعها في مراتب متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية والإنسانية عربيا ودوليا، ولاشك أن التعليم والتدريب يحظيان بأولوية في الوقت الحاضر، خصوصا مع بروز معدلات بطالة ملفتة للنظر في دول تستضيف نحو 18 مليون عامل أجنبي وغياب معالجات خليجية موحدة لمشكلة البطالة، حيث حذر صندوق النقد الدولي دول مجلس التعاون الخليجي من تزايد أعداد البطالة في صفوف المواطنين الخليجيين، وتوقع ارتفاع أعداد العاطلين من مواطني دول المجلس بما يتراوح ما بين مليونين إلى 3 ملايين عاطل خلال السنوات الخمس القادمة. إن زيادة نسبة البطالة في صفوف المواطنين لا يعود إلى عدم توفر الوظائف، بل بسبب عدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، وتدني الأجور، علاوة على جاذبية الوظائف في القطاع العام. واستنادا إلى البيانات التاريخية، وتسارع نمو قوة العمل، فإنه يتوقع ارتفاع عدد المواطنين الخليجيين العاطلين عن العمل إلى نحو 2 إلى 3 ملايين مواطن خلال السنوات الخمس القادمة بالمقارنة مع 5 ملايين أعداد المواطنين العاملين عام 2012. إن التعاون الاقتصادي بين دول المجلس يواجه اليوم معضلات اقتصادية يزداد وقعها سنة بعد أخرى ويتسع نطاق انعكاساتها على جوانب الحياة المختلفة بوتيرة متسارعة حتى أوشكت تلك المعضلات أن تخلف وراءها سلسلة من التبعات الاجتماعية والاقتصادية لم يحسن الاقتصاد الخليجي في الجملة التعامل معها حتى الآن. كما أن القطاع الخاص لا يزال يطالب بشراكة حقيقية في التنمية على مستوى التخطيط والتنظيم والتنفيذ.. وهذا يجب أن يترجم بدوره في قيام عمل مؤسسي يبدأ من اجتماعات القمم الخليجية ويمر عبر كافة الأجهزة التخطيطية والتنفيذية في الأمانة العامة.. والمواطنين الخليجيين يتطلعون أيضا لوحدة اقتصادية يتلمسونها لمس اليد، ويجنون ثمارها في مواقع حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، ووظائفهم ومساكنهم وأحيائهم.