18 سبتمبر 2025

تسجيل

مؤسسة راف ومشاريعها الخيرية

09 أغسطس 2013

قبل كل قول أتقدم إلى القارئ الكريم لجريدة الشرق بأحر التهاني القلبية بحلول عيد رمضان المبارك أعاده الله علينا وعلى أمتنا العربية بحال أحسن مما نحن فيه اليوم وأقدم أحر التعازي إلى أسر كل شهداء الحرية والكرامة الذين سقطوا في عواصم عربية متعددة على يد أنظمة جائرة طاغية متكبرة. (1) أتابع على وسائل الإعلام الجهود الإنسانية التي تقوم بها مؤسسة " راف " رحت أبحث عن معنى " راف " اتصلت بأحد الأصدقاء في ذات المؤسسة الإنسانية ليركب لي هذه الأحرف " راف " إلى كلمات كي أفهم مقاصدها فقال إنها تعني "رحمة الإنسان فضيلة" عندها قلت لنفسي إنها كلمة الحق. (2) كان لي رأي في أعمال المؤسسات الخيرية القطرية في الخارج وما برحت عند رأيي، ومؤداه أن هذه الأعمال الخيرية في خارج الحدود لابد أن تعود بالنفع على الدولة القطرية، صحيح أن صاحب المشروع سيلقى أجره عند ربه عز وجل عن كل خير يقدمه، ولكن لابد لدولتنا من الاستفادة من هذه المشاريع استقطابا لموقف، وإعداد جيل أو أجيال تتولى قيادات تلك البلاد في قادم الأيام محصنا بالعلم والمعرفة. لا جدال بأنه لكل من حباه الله بوفرة في ماله من السهل عليه بناء مساجد في معظم الدول الإسلامية الفقيرة بأقل التكاليف وأخرى في الدول الغنية التي لا تعطى للجالية أو المواطنين المسلمين في تلك البلاد حقهم في إقامة مراكزهم الدينية. لكنني أقول من الواجب على كل مقتدر ماليا أن يبني المركز الإسلامي في أي دولة على أسس حضارية تكون رمزا للثقافة الإسلامية وتبقى ما بقي الزمان، ولنا عبر فيما بناه أجدادنا في إسبانيا وجنوب إيطاليا والبرتغال. إنها مبان حضارية، فن معماري عالي المستوى استطاعت تلك الصروح الحضارية أن تتصدى لصولة الدهر لسنين وسنين لم تخدش إلا بفعل إنساني. من السهل بناء مسجد يتكون من أربعة حيطان وفي أحد أضلعه محراب ومنبر لخطيب الجمعة لكنه لا يشكل لمسة ثقافة معمارية إسلامية جاذبة للناسك المتعبد ولا للسائح المتذوق للفن المعماري وقد لا يستطيع هذا البناء الوقوف لأجل متوسط العمر. (3) لابد من تقديم الشكر والتقدير الكبير لمؤسسة "راف" على تحملها تكاليف بناء 113 مسجدا في 17 دولة ولكن سؤالي هل بناء هذه المساجد وضعت أسسها لأن تصمد لتقلبات التاريخ وعواصف الزمان كما صمدت مساجد أجدادنا في جنوب أوروبا؟ أتمنى ذلك ولكن من واقع الصور المعروضة لا تنبئ بإقامة صروح حضارية. نريد المسجد للعبادة، نريده للدين والدنيا في رحابه مدارس لتعليم العلوم (رياضيات فيزياء، كيمياء، أحياء، وعلوم الحاسوب، الخ) واللغات الحية كالفرنسية في الدول الناطقة بالفرنسية والإنجليزية في الدول الناطقة بها وعلوم الدين واللغة العربية. نريد أن يكون المسجد المركز الاجتماعي والإنساني لمسلمي تلك الدول أو المدن بمعنى يكون فيه مستوصف طبي يقدم خدمات طبية لكل محتاج ولا يستطيع التداوي في المستشفيات غالية الأثمان، إلى جانب ما ذكرت أعلاه، ويكون مؤهلا لإقامة الاحتفالات الدينية كالأعياد الإسلامية والمناسبات الاجتماعية كالزواج وغير ذلك. (4)  يروي لي أحد الأفارقة الذين التقيت بهم صدفة وهو من المهتمين بالشأن الإسلامي في إفريقيا، حدثني أن خريجي المدارس والجامعات الإسلامية التي تعطي منحا لطلاب تلك الدول تركز منحها على العلوم الشرعية الأمر الذي يعود المبتعث بموجب منحة دراسية في إحدى الدول الإسلامية إلى بلاده فلا يجد له وظيفة سوى إمامة مسجد أو مدرس لتعليم القرآن أما الوظائف المهمة في الدولة فهي من نصيب طلاب آخرين وهنا الاشكال كما قال..  أرجو ألا يؤخذ من قولي هذا أنني من دعاة عدم الاهتمام بتدريس العلوم الشرعية للطلاب الأفارقة والآسيويين، إنني أؤكد على تعليم العلوم الشرعية لكن بجانبها العلوم الحياتية ليستطيع حملة الكتاب والسنة من الوصول إلى مراكز صناعة القرار في بلادهم.  آخر القول: جهود مشكورة لمؤسسة راف وغيرها من المؤسسات الخيرية الأخرى العاملة على نشر لغتنا وثقافتنا في الدول غير الناطقة باللغة العربية.