24 سبتمبر 2025

تسجيل

دقة التشخيص والعلاج في الخارج

09 يونيو 2012

خرج من المستشفى مكفهر الوجه، يكاد لا يرى طريقه إلى السيارة، ولم يتمالك نفسه أن يمسك مقودها، فانتظر قليلاً حتى يستطيع أن يواصل قيادتها، لقد أخبره الطبيب لتوه بوجود مرض ما لديه يستدعي إجراء عملية والعلاج الكيماوي بعد ذلك، فاستعاذ من الشيطان الرجيم، واستطاع أن يقود السيارة وهو في حالة من التفكير أوصلته إلى قرار قد يكلفه الكثير ولكن ما السبيل؟ وهذا هو الحل الذي سوف يزيل عنه القلق، خاصة أنه يريد أن يتأكد من إصابته بالمرض، بعد مشاورات مع الأهل والأصدقاء الذين انزعجوا من هذا الخبر، توصل إلى قناعة لأن يسافر للخارج، ويعرض نفسه على الأطباء هناك، وبعد ذلك لكل حادث حديث فاضطر للاستدانة من البنك لأنه غير قادر على الوصول إلى لجنة العلاج في الخارج لأن طرقها شائكة والسبيل إليها يستدعي الكثير من الأمور، فسافر إلى الخارج ولم يستمهل نفسه طويلا، فذهب إلى الطبيب المعالج في ارض مستشفيات البلد وبعد التشخيص والفحوصات المختبرية والأشعة التي تمت في يوم واحد، كان بين حالة القلق والأمل ولكن في النهاية تفوقت حالة الأمل، عندما تراءت ابتسامة واضحة على وجه الطبيب وافتر فوه عن ضحكة وهو يخبره بأنه ليس هناك شيء يستدعي كل ما قيل له، وإنما هي حالة بسيطة تتطلب العلاج بالأدوية. نعم، هذه حالة من الحالات الكثيرة التي تحدث، وقد تكون هناك حالات أخرى شخصت وهي لا تحتاج إلى أي علاج. إنها معضلة التشخيص غير الدقيق وليس الخاطئ التي قد تكون لدى بعض الأطباء في مستشفياتنا والذين لا يجدون جدوى من هذا التدقيق، وقد لا يكون على علم بما يعني التشخيص السليم. لقد وفرت بلادنا والحمد لله الأجهزة والمعدات الطبية بأحدث ما أنتجه العلم وضمت إلى المستشفيات والمراكز الصحية، وقامت باستجلاب أكفأ الأطباء المتخرجين من أفضل الجامعات، ولكن تظل هناك قلة الدقة في التشخيص، فالأجهزة تظل مركونة في المخازن وتنتهي صلاحية استخدامها، وقد يتطور غيرها ولا تجد من يستطيع استخدامها رغم ما تكلفه من أموال باهظة من ميزانية الدولة. وإننا نحمد الله عز وجل على النعمة التي نعيشها في بلادنا الغالية وعلى أنه سبحانه قد منحنا قيادة حكيمة تدرك أهمية رعاية شعبها وكل من يعيش على أرضها، وتوفر كل وسائل الصحة والتعليم والرفاهية، وهذه النعم قد حرم منها الكثير من البلدان التي تحسدنا عليها، ولكن للأسف هناك من لا يستطيع أن يستثمر مواردنا بشكل سليم، فيتم استيراد الأجهزة والمعدات دون وجود كوادر قادرة على استخدامها، وهذه الكوادر في حاجة إلى تدريب مكثف يمكنها من القدرة على التعامل مع هذه المعدات، ويستفيد منها المرضى في مستشفياتنا. إن العلاج في الخارج يكلف الدولة ميزانية كبيرة، والذي لا يحصل عليه إلا البعض! وقد يعجز المواطن العادي على ذلك، فيضطر إلى الاقتراض من البنوك التي تظل أقساطها سيفا مسلطا على رقبته خاصة مع فوائدها الكبيرة. وكلنا يقين أن الدولة سوف توفر الكثير من الأموال لو استطاعت تدريب الكوادر الطبية على مثل تلك الأجهزة التي تعمل على دقة التشخيص، ويستطيع المواطن والمقيم أن يثق بأطبائنا في الداخل بدل الأطباء في الخارج، وهذا لن يكلف الدولة الكثير، والأمر متروك في هذا المجال إلى المجلس الأعلى للصحة ومؤسسة حمد الطبية، عسى أن تعود الثقة إليهما. * همسة: الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.