17 سبتمبر 2025

تسجيل

ذكرى النكسة والخروج من الهزيمة

09 يونيو 2011

مثلما كان إحياء ذكرى النكبة مميزا هذا العام. كذلك جاءت ذكرى النكسة جديدة في مظهرها ومضامينها. شبابنا الفلسطيني في سوريا ومعهم أخوتهم السوريون. أصروا على الذهاب إلى الجولان والوصول إلى الحدود الفلسطينية. حاولوا الدخول إلى وطنهم فاستقبلتهم النازية الصهيونية بإطلاق النار عليهم.الأمر الذي أدى إلى استشهاد العشرات وإصابة المئات بجروح. أنه الإصرار عل ممارسة حق العودة بالطريقة الفلسطينية حيث من السهل التضحية بالنفس في سبيل الوطن والعودة إليه. لا نقول كلاما شاعريا طوباويا وإنما نكتب عما حدث في الواقع. أغلب الذاهبين إلى حدود وطنهم... لم يولدوا على الأرض الفلسطينية لكنهم رضعوا حليب الانتماء إلى الوطن مع حليب أمهاتهم... هذا هو الفلسطيني وهذه هي فلسطين. اندماج بالكامل مع حبات تراب الوطن ورائحة وروده الجورية وطعم حبات زيتونه. نعيش هذه الأيام ذكرى الخامس من يونيو،44 عاماً تفصلنا عن ذلك النهار المشؤوم يوم انكسار أحلام الفلسطينيين والجماهير العربية في تحرير فلسطين، هذا الشعار الذي حملته الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.أعوام طويلة تفصلنا عن يوم الهزيمة، حين استطاعت إسرائيل احتلال الضفة الغربية، وسيناء وهضبة الجولان العربية السورية.جاءت بعدها استقالة الرئيس الخالد جمال عبدالناصر لتزيد من طعم مرارة النكسة.عدوله عن استقالته أحيا أملاً جديداً في الأمة العربية بإمكانية تجاوز النكسة على طريق الانتصار. انتظرت الجماهير العربية لحظة بلحظة تلك الساعة التي نتمكن فيها من هزيمة إسرائيل.جاءت اللحظة في معركة الكرامة وفي حرب عام 1973 حين أثبت الجندي العربي قدرته على تجاوز المحنة والوصول إلى النصر.للأسف لم يُمهل القدر عبدالناصر الذي خاض حرب الاستنزاف وكان قد توفاه الله في عام 1970، ولم يشهد عبور الجيش المصري لقناة السويس وتدمير خط بارليف الإسرائيلي،الذي صوروه بأنه كخط ماجينو، بل تفوق عليه. للأسف أيضاً. لم يكتمل الانتصار في حرب عام 1973 التي أرادها الرئيس المصري الأسبق أنور السادات،أن تكون حرب تحريك لا حرب تحرير.جاءت بعدها المباحثات المصرية مع(العزيز) هنري كيسنجر. وكانت اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة. التي أخذت الدولة الأقوى عربياً من دورها في التصدي للدولة الصهيونية،ثم جاءت اتفاقية أوسلو وبعدها اتفاقية وادي عربة.تصور الإسرائيليون بعدها بأن وجود دولتهم المغتصبة أصبح أمراً واقعاً، وأنهم بانتظار العرب كي يخروا على ركبهم راكعين وصاغرين وطائعين أمام الإرادة الصهيونية،مثلما انتظر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه دايان في عام 1967. حين توقع مكالمة الاستسلام من الرئيس عبدالناصر. فشلت التوقعات الإسرائيلية وأصر الفلسطينيون والعرب على رفع شعارات تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. ردا على الهزيمة انطلقت الثورة الفلسطينية التي بدأت شرارتها في عام 1965.أيام عز الثورة... كانت شعارات تحرير كل الأرض الفلسطينية تبدو وكأنها خارج التاريخ والزمن، بدت طوباوية وغير قابلة للتطبيق. وما هي إلاّ سنوات تُعتبر قصيرة في عمر الزمن. حتى جاءت التغييرات الثورية العربية في تونس وفي مصر الدولة العربية الأكبر والأكثر تأثيراً. كما أن إرهاصات الثورة تدور في أكثر من بلد عربي، الأمر الذي يشي بأن الصراع العربي-الصهيوني سيعود إلى مربعه الأول وإلى منطلقاته السابقة. ذلك لا نقوله تسليةً ولا قفزاً عن الواقع، فالأمة العربية في تظاهراتها التي جرت بمناسبة النكبة في 15 مايو من هذا العام، جعلت من شعار تحرير فلسطين شعاراً رئيساً ومركزياً لها، كما شاركت أبناءها وإخوتها الفلسطينيين في مسيراتهم التي انطلقت نحو الحدود مع الدولة الصهيونية، في دول الجوار العربي، المحاذية لأرض فلسطين التاريخية، مما جعل إحياء الذكرى هذا العام مسألة مميزة في دلالاتها،إن من ناحية تمسك الفلسطينيين بحق العودة إلى بلدهم وإلى أراضيهم ومدنهم وقراهم،أو من حيث ممارسة الجماهير العربية لدورها في الصراع. هذا الدور الذي جرى تغييبه كثيراً. رغم المجازر أصّر الفلسطينيون تؤازرههم وتشاركهم أمتهم العربية على تنظيم مسيرات حدودية في ذكرى نكسة عام 1967. وإحياء الذكرى في المدينة المقدسة وفي باقي الأراضي الفلسطينية بما فيها منطقة 48. وفي الشتات أيضا. العدو الصهيوني هذه المرة، ووفقاً لرئيس أركان جيشه: (اتخذ الاحتياطات اللازمة)، والجيش الصهيوني استبق الذكرى بمناورات عسكرية وذلك من أجل رفع درجة التعبئة عنده، وكان قد سن القوانين العنصرية التي تمنع إحياء الذكرى في الكنيست، وبما سماه إجراءات أمنية ضد أهلنا في منطقة 48 وفي الضفة الغربية.الذي لا يدركه الإسرائيليون: مدى تمسك الفلسطينيين والعرب بحقوقهم. ورغم كل الإجراءات لن تستطيع الدولة الإسرائيلية إجبارهم على نسيان قضيتهم وحقوقهم المشروعة. الجديد أيضا في هذا العام: التصميم العالي على الخروج نهائيا من شبح الهزائم مع إسرائيل ومن ذكرى النكبة والنكسة من خلال الثقة وامتلاك أعلى درجات التصميم على الانتصار والعودة المظفرة إلى فلسطين التاريخية.