11 سبتمبر 2025
تسجيلالزمان: يوم من أيام الدوام الوظيفي، المكان: مكتب مسؤول في احدى الوزارات الخدمية، الأشخاص: مسؤول كبير جدا ومدير مكتب المسؤول الكبير جدا، ونائب مدير مكتب المسؤول الكبير جدا، وسكرتير مكتب نائب مدير مكتب المسؤول الكبير جدا، وسكرتارية مكتب مدير مكتب المسؤول الكبير جدا، ومكتب استقبال لطلبات المواطنين المراجعين لمعاملاتهم في مكتب المسؤول الكبير جدا، وراميش فراش المسؤول الكبير جدا. الحكاية, المشهد الاول: مواطن يراجع في الدور الارضي لدى مكتب الاستقبال الخاص بمكتب المسؤول ولا داعي ان نذكر بأنه كبير جدا، يقترب المواطن من مكتب الاستقبال ويقول "السلام عليكم، لو سمحت ياخوي ابغي اقابل المسؤول الكبير جدًا من فضلك"، يرد موظف الاستقبال ولا يكاد يرفع عينه من هاتفه الجوال فهناك ما هو اهم من المراجع يتابعه على منصات التواصل الاجتماعي ويقول "عندك موعد مقابلة"، يرد المراجع "لا والله ما عندي، بس موضوعي واقف ولا حد خلصني وتعبت وانا اراجع، فأبغي اقابل المسؤول واعرض عليه المعامله امكن الله يسخره لي ويخلصني"، يرد موظف الاستقبال، "ما يصير تقابله لازم موعد، ولازم قبل الموعد تقدم كتاب تشرح فيه الموضوع وبعدين اذا فيه داعي لمقابلتك ينرتب لك موعد للمقابلة"، يأخذ المراجع نفسا عميقا يكاد يسحب غترة موظف الاستقبال من قوته ويقول "طيب من فضلك خلني على الاقل اقابل مدير مكتبه، امكن يخلصني بدل هل اللفه كلها والانتظار، وبعدين ليش المسؤول ما يخصص يوم في الاسبوع لمقابلة المراجعين او يفوض احد في هل الموضوع"، يستمر موظف الاستقبال في متابعة الجوال ويقول "والله هذي الاوامر وانت كيفك"، ينصرف المراجع بعد ان قام بالتذمر قليلا ولكن دون جدوى. المشهد الثاني: راميش فراش المسؤول الكبير جدا يأتي مسرع الخطى لمكتب الاستقبال ومعه ورقة صغيرة، موظف الاستقبال يلاحظ تقدم راميش باتجاه ويقول "ها راميش شعندك ياي (جاي) تدابج (المدابج مصطلح شعبي تعني السرعة)"، راميش يقول "هذا بيبر (ورقة بالانجليزي المعرب) من بوهمد (بوحمد باللهجة العربية الهندية)"، وبوحمد هو احد موظفي سكرتارية مكتب مدير مكتب المسؤول الكبير جدا، يتناول الموظف الورقة ويقرأ ما كتب فيها ثم يقول لراميش "قول لبوحمد اوك"، ينصرف راميش وبعد قليل يحضر رجل الى مكتب الاستقبال ويقول "السلام عليكم، بغيت بوحمد" يقف موظف الاستقبال ويتبسم ويقول للرجل بكل ادب واحترام "عليكم السلام انت بوشاهين طال عمرك"، فيرد الرجل "ايه نعم"، فيهرع موظف الاستقبال الى البوابة الالية فيضع بطاقة الكترونية فتنفتح البوابة على مصراعيها ويقول الموظف "تفضل طال عمرك، بوحمد في الطابق الأخير بانتظارك"، يدخل بوشاهين ويتبعه موظف الاستقبال ليُركبه المصعد الخاص بالدور الأخير في البرج الشاهق في العلو، يصل بوشاهين لمكتب بوحمد الذي يستضيفه بالترحاب والقهوة والشاي، وما هي الا لحظات حتى يجتاز بوشاهين جميع مراحل مقابلة المسؤول الكبير جدا من مدير مكتب ونائب مدير مكتب وسكرتير مكتب نائب مدير مكتب المسؤول وسكرتارية مكتب المسؤول، وإذا هو امام المسؤول الكبير جدا شخصيا يتحدث معه وينهي معاملته معه بكل سلاسة وسهولة. المشهد الأخير: يخرج بوشاهين من البرج الشاهق العلو للتوجه لسيارته فإذا هو يواجه المراجع الذي تحدثنا عنه في المشهد الأول فيناديه قائلا "بوسعد بوسعد شحالك وشخبارك وينك من زمان ما شفناك"، فينتبه المراجع الذي تبين ان اسمه بوسعد الى مصدر الصوت فيقول "هلا بوشاهين، الله يسلمك ابشرك اني بخير والحمد لله، اشوفك طالع من البرج ان شاء الله انك لقيت لك مسنع (أي من يقضي حاجتك)، تراني توني طالع منهم ولا وراهم نفعه"، يضحك بوشاهين بصوت عال ثم يقول "الله يهداك اكيد ما راح حد يخلصك انا والله اللي بخلصك ولا يهمك"، يرد بوسعد "تكفا يا اخوي اذا تعرف حد ابغي اقابل المسؤول الكبير جدا ان شاء الله تخلص هل المعاملة وافتك، وهذا انا جهزت لهم طلب المقابلة وشرحت فيها كل شي"، يرد بوشاهين "افاا والله عليك يا بوسعد كتابك هذا اللي كاتبه حطها في مخباك، وروح لهم اللحين بيدخلونك وبتقابل مسؤولهم، بس لحظة خلني اكلم رجال داخل "، بالفعل يتصل بوشاهين ببوحمد ويعطيه اسم بوسعد وكما يقال "يوصيه عليه"، وما أن وصل بوسعد الى مكتب الاستقبال حتى استقبل بالترحاب وما هي الا لحظات واذا هو أمام المسؤول الكبير جدا ينهي معاملته أيضا بكل سلاسة وسهولة. وختاما أقول: ان المناصب هي تكليف لخدمة المواطنين والمقيمين على تراب هذا الوطن الغالي اكثر من ان تكون تشريفا لمن يتقلدها، ومهما طال الزمان او قصر فالكل سيترك منصبه ويأتي غيره، فعزيزي المسؤول اعمل ليوم يقال فيه جزاه الله خيرا كان يخدم الجميع دون تفرقة، لا أن يقال عليك "لا بارك الله فيه ما وراه نفعه".