14 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستثمار والحكم الرشيد

09 أبريل 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الخدمات والصناعات التحويلية مصدر قوة للدخل وفرص للنمو بإلقاء نظرة على سجل الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي على مدى السنوات العشر الماضية، يلاحظ أن هذه الدول وظفت استثمارات بمعدلات تضاهي مثيلاتها في المناطق الأخرى. ومع ذلك، فإن تلك التوظيفات كانت مدعومة بشكل كبير من خلال استثمارات القطاع العام، وتمت بصورة رئيسية من خلال الأجهزة الحكومية، مما أثار أسئلة كثيرة حول مدى كفاءة هذه التوظيفات. وإذا ألقينا نظرة على نماذج من بلدان أخرى تمر بمرحلة تحول، نجد أن الاستثمار ارتفع بشدة في العديد من الاقتصادات التي اتجهت بشكل مبكر نحو تحسين أنظمتها الخاصة بإدارة الحكم. لأن تحسين كفاءة المؤسسات الحكومية أمر ضروري لإبداء الرأي والمساءلة، كما أنه ضروري أيضا لزيادة النمو واستخدام الموارد على نحو يتسم بالكفاءة. لذلك، هناك ثمة ضرورة ملحة لترسيخ الشفافية والمساءلة حتى تتمكن بلدان المنطقة من تنشيط الاستثمار من خلال أجهزتها الحكومية. ويتمثل أحد الهواجس المتعلقة بالاستثمارات الحكومية في البلدان النامية المصدرة للنفط في أنه ليست هناك شواهد قوية على أن الاستثمار العام يؤدي إلى حفز النمو في الاقتصادات التي تعاني غيابا في بعض جوانب الحكم الرشيد. والمقصود بالحكم الرشيد هنا بأنه أسلوب ممارسة السلطة واتخاذ القرارات في إدارة موارد الدولة الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية. والدول ذات الحكم الرشيد تُمارس ذلك بموجب قوانين معروفة لدى العامة ومن خلال مؤسسات الدولة ومنظماتها الخاضعة للمحاسبة والمسألة، بكل شفافية، وباطلاع الجمهور ومشاركة الرأي العام على عملية التنمية وإعداد السياسات. لذلك، يلاحظ في المقابل أن هناك ثمة علاقة ارتباط وثيق بين الاستثمارات العامة وتحقيق النمو في البلدان التي يوجد بها مستوى كاف من حماية حقوق الملكية والمؤسسات القانونية. وعندما يتسم أسلوب إدارة الحكم بالرشد، فإن الاستثمارات العامة تشكل مصدر جذب للاستثمار الخاص عن طريق توفير موارد الطاقة والطرق وخطوط النقل والإمداد والاتصالات اللازمة للشركات للعمل على نحو منتج. ولكن في ظل سوء إدارة الحكم، فإن الاستثمار العام يزاحم الاستثمار الخاص على الأرجح في استخدام الموارد كانت ستكون متاحة لولا ذلك للقطاع الخاص. وعلاوة على ذلك، فإن الاستثمار العام قد لا يحفز النمو لأنه يُنفق على أصول غير منتجة تكون مرغوبة فقط من جانب مجموعات ذات اهتمامات خاصة. وهنا يبرز بقوة دور الاستثمار الخاص في مجال الخدمات والصناعات التحويلية بوصفهما محركين مهمين لخلق فرص العمل ونمو الدخل في المنطقة الذي يحتاج بدوره لآليات الحكم الرشيد، خاصة أن النسبة الأكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر التي تتلقاها المنطقة تتجه إلى قطاعي العقارات والطاقة وليس الخدمات أو الصناعات التحويلية. إن الخدمات والصناعات التحويلية تكونان حيثما توجد آليات العمل الحكومي المناسبة. إن هذه القطاعات هي مصدر قوة للدخل وفرص العمل لنمو، ولكن هذه القطاعات تُعد صغيرة الحجم نسبيا في دول المنقطة مقارنة بالقطاعات المماثلة في البرازيل وإندونيسيا وماليزيا وتركيا على سبيل المثال. كما أن القطاع العام لم يولد في السنوات الأخيرة الوظائف عالية النوعية التي يتطلع إليها الخريجون عادة. لذلك، فإن تشجيع توسيع هذه القطاعات من قبل القطاع الخاص يتطلب ترشيد الأداء والإنفاق الحكوميين. إن الحديث عن ترسيخ قواعد الحكم الرشيد يكتسب أهمية كبيرة في الوقت الحاضر بالنظر لجملة برامج الإصلاح الاقتصادي الجاري تنفيذها في دول المنطقة، والتي بقدر ما تتطلب موارد وبرامج واضحة، فإنها تتطلب قواعد شفافة وسليمة تحكم تنفيذها لصالح تحقيق الأهداف المنشودة.