29 أكتوبر 2025

تسجيل

صلة الأرحام تُخفِّف الحساب وتدخل الجنة

09 أبريل 2015

صلة الرحم ممّا يعدُّ من فضائل هذا الدين الحنيف وخصائصه التي يمتاز بها. فهي علامة كمال الإيمان وحسن الإسلام "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه " ومن أعظم القربات، وأنفع الأعمال التي يكون بها صلاح المجتمع والأسرة، ويضاعف الله لمن يصل القرابة الحسنات — للحديث «لهما أجران أجر القرابة وأجر الصّدقة "، "لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك" والسّعة في الأرزاق والبركة في الأعمار. واكتساب رضى الرّبّ ومحبّة الخلق. وتقوي أواصر العلاقات الاجتماعيّة بين أفراد الأسرة الواحدة والأسر المرتبطة بالمصاهرة والنّسب حتّى تعمّ المجتمع كلّه. واستصحاب معيّة النّصر، والتّأييد من الله القويّ العزيز للواصل للأرحام وإن كانوا كفّارا، أو فجّارا، أو مبتدعة، وتقوّي الصّلة بقرب العلاقة وهي للأقرب أقوى منها للأبعد فليلقِ أبناء اليوم — وكل يوم — بالَهم إلى ذلك، وليجعلوه دائماً نصب أعينهم، إن كانوا يريدون الخيرَ لأنفسهم، وإلا فلا يُبعد الله إلا من ظلم وفي مختار الصحاح: (الرحم القرابة) سميت القرابة رحما لأنها داعية التراحم بين الأقرباء، والمراد محبتهم وموالاتهم والإحسان إليهم، وهي أثر من آثار الرحمة، فالقاطع لها منقطع من رحمة الله، قال ابن الأثير: ذوو الرحم: هم الأقارب، ويقع على كل من يجمع بينك وبينه نسب — قرابة — ويطلق في الفرائض — علم المواريث — على الأقارب من جهة النساء. ويقال: رَحِم ورَحْم ورِحْم، وهي مؤنثة، ومما ورد في صلة الرحم: في التنزيل: {وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وفي قراءة: والأرحامِ بالخفض، والمعنى: تساءلون به وبالأرحام، وهو قولهم: نشدتك بالله وبالرحم...، وقال صلى الله عليه وسلم: (الرَّحم شُجْنَةٌ من الله — وفي رواية: من الرحمن — معلقة بالعرش تقول اللهمَّ صِلْ من وصلني واقطع من قطعني)... قال الجوهري: الشُّجنة بالضم والفتح والكسر: عروق الشجر المشتبكة، وبيني وبينه شُجنةُ رَحم: أي قرابة مشتبكة، كاشتباك العروق، شبهه بذلك مجازاً واتساعاً وأصل الشجنة شعبة من غصن من غصون الشجر ثم استعمل اتساعاً في الرحم المشتبكة، وفيه: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} وهي توصية بغير الوالدين من الأقارب بعد التوصية بهما، أي: آتوهم حقهم: صلتهم بالمودة والزيارة وحسن المعاشرة والمؤالفة على السراء والضراء والمعاضدة إن كانوا مياسير، وتعهدهم بالمال إن كانوا عاجزين عن الكسب ويجب مواصلتها، بالتناصح، والعدل والانصاف، والقيام بالحقوق الواجبة، والنفقة على المعسر منهم، والتغافل عن زلاته، فتكون بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضرر وبطلاقة الوجه وبالدعاء، وإيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر، وهي واجبة في الجملة وقطيعتها كبيرة والآيات والأحاديث تشهد لهذا، وهي درجات بعضها أرفع من بعض. وكان الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم: منهم مَن كان يؤثر أقرباءه بالولايات والعِمالات وإسناد أمور الدولة إليهم، فإنما كان ذلك — بعد كفاية الأقرباء واستحقاقهم — للبر صِرْفاً، أي امتثالاً لأمر الله في وجوب صلة الرحم، ومنهم من كان يؤثر الأجانب ويُقصي الأقارب ويحرمهم أعمالَ الدولة. فإنما كان ذلك للبر أيضاً، إذ كان ذلك إمعاناً في التورع والتأثم وتَركاً لما يريب إلى ما لا يريب... وفي ذلك يقول الخليفة عثمان رضي الله عنه: كان عمر يمنع أقرباءه ابتغاء وجهِ الله، وأنا أعطي قراباتي لوجه الله، ولن يُرى مثلُ عمر. أي لن يبلغ إنسان مبلغه في الحزم والسياسة الرشيدة وضبطِ النفس أن تسترسل مع ما يُشبه الهوى... يعني أن عمرَ أفضلُ مني، رضي الله عن الجميع. وصلة الرحم تُنْسىء في الأجل، وتثري المال، وتجمع الشمل وتكثر العدد، وتعمر الديار، وتعز الجانب.وقطيعة الرحم تورث القلة والذلة، وتفرق الجمع، وتذر الديار بلقعاً وتذهب المال، وتطمع العدو، وتبدي العورة. تذاكر قوم صلة الرّحم وأعرابي جالس، فقَالَ: منسأة فِي العمر، مرضاة للرب، محبّة فِي الأهل، وأصله في الصحيحين، صلَة الرَّحِم تخفف الْحساب.